الأربعاء، 20 يناير 2016

زوجتي لا ترتدي البِنطال…مِن مُذَكِّرات شابَّةٍ بالأربَعين…الجزء السادس

يدقُّ جرس منزلنا صباحَ أحدِ الأيّام باكرًا… مَن؟ مَن؟
ليأتيَني الرَّدُّ: افْتحي يا جميلة أنا خالتك عفاف.
فتحت الباب قائلة: خير يا خالتو اتفضَّلي (فلم يكن من عادتها زيارتنا باكرًا).
خالتي عفاف: خير يا بنت أختي أيقظي أمّك أريدها ضروري.
أمّي متثائبة: أهلين عفاف، صباح الخير، صحيت من صوت الباب .
خالتي عفاف: الساعة (11) حد نايم للآن؟
أمّي: ادخلي يا بتّ يا جميلة حضري الإفطار.
وبعد عشر دقائق: الإفطار يا خالتو اتفضّلي.
خالتو عفاف: تسلم إيدك، اقعدي افطري واسمعى, أخبرتني صديقة أمس أنّ صديقةً لها تبحَثُ عن عرُوس لأخيها .
أتدخَّلُ في الحديث: واحدة صاحبة صاحبتك أخوها عاوز عروسة !
أمّي: اسكتي يا بت… وماذا يعمل هذا العريس؟؟
خالتي: مهندس اتّصالات يعمل باحدى الدول العربية.
أمّي: حلو.. خريج هندسة؟؟
خالتي: لا، هو دبلوم إلّا إنّه يعمل بشركة اتّصالات فينادوه يا بشمهندس .
أمّي: آه.. كمّلي فطارك.
خالتي: حمدًا لله سفره دائمة .
أمّي: يدوم عزّك، يأتي لزيارتنا، أهلًا وسهلًا.
خالتي: لا إنّه بالخارج ستأتي والدته تخطب له, أمّا العريس فسترونه يوم الفرح .
أمّي: لازم نشوف العريس ونقرّر.
خالتي: الناس أصبحت تتصرف بهذه الطريقة لا تصعبي الأمور، إلّا إنّه يشترط عليّ عروسة ألّا تكونَ مِن مُرتَدي البَنطلون؛ لأنّه حرام .
أمّي: حقُّه طبعًا، أساسًا البنطلون حرام .
هُنا أتدخّل: نعم! نعم! ما هذا الشرط الغريب؟ لا أوافق.
خالتي: لا غريب ولا شيء.
أمّي: عادي جدًّا، راجل محترم أساسًا، البنطلون حرام .
…………………………
وفى الموعد المُحدَّد وكالعادة…
أمّي: يا أهلًا وسهلًا.. اتفضّلي يا أمّ مصطفى.
أمّ مصطفى: يزيد فضلك يا ختي ويريّح قلبك ويْطمِّن بالك .
أُمّي: منوّرة يا عفاف يا أختي… كيفك؟
عفاف: بخير يا أختي، تسلمي من كل رديء, إنّها الستُّ أمّ مصطفى.
أُمّي: يا أهلًا وسهلًا، نوّرْتُونا.
أمّ مصطفى: يا أهلًا بيكِ يا أختي، البشمهندس ملتزم ومربّي ذقنه، وقالِّي: يا ماما إللي هتعجبك هتعجبني، قالِّي: شوفي إللي تريَّحك وإللي يريَّحك يِرَيَّحني .
أمّي: ما شاء الله! ربِّنا يخلِّيهُولك.
أمّ مصطفى: وقالِّي: ابحثي عن فتاة لا ترتدي البنطلون.
أُمّي: آه طبعًا.
أمّي مُنادِية: يا جميلة، يا جميلة هاتي العصير؟
-حاضِر يا أُمّي. (أدخل وبيدي صينيّة العصير) اتْفضَّلي العَصير يا ماما  .
أمّي: الستّ أمّ مصطفى الأوّل، وسلِّمي عليها.
أمّ مصطفى وهي تطبَع قُبلتين على خدّي: ما شاء الله تبارك الله فيما خلق .
-يا أهلًا يا طنط.
أمّ مُصطفى: لا، طنط إيه, طنط دي لا مِن القرآن ولا من السُّنّة، دي مِن البِدع، قوليلي يا خالة، ما كلنا أخوات في الإسلام.
-حاضر يا خاله، اتّفضّلي العصير .
أمّي مُعلِّلةً: طبعًا أخوات في الإسلام …
أمّ مصطفى: شكلك هادئ وارتحْتلّك، بس أنتِ رفيعة ألا تأكلين؟
أمّي: أكلها ضعيف.
أمّ مصطفى: أريدك أنْ تأكلي كثيرًا، الفترة القادمة كي تسمني فالبشمهندس لا يُحِبُّ الفتاة الرفيعة.
أبتسِمُ في وجهها قائِلًا: إنْ شاء الله. وإنْ كنت هكذا أحِبُّ نفسي .
أمُّ مصطفى: أَلا تُوجد صورة لجميلة نرسلها بالبريد لمصطفى يا أمّ جميلة بعد إذنك يعني؟؟
أمّي: أنتِ لم تأتِ بصورة لابنك معكِ كي أعطيكِ صورة لابنتي؟
أمّ مصطفى: معكِ كلّ الحقّ، أصل الصور حرام، ومصطفى لا يُحبُّ التصوير.
هنا أتدخّل: إذن لماذا تريدين صورتي إذا كانت الصور حرامًا؟
أمّ مصطفى: لا الصور للضرورة ليسَتْ حرامًا .
أَرُدُّ بكلِّ هُدُوء: لا يوجد عندي أيّ صور ولا بُدَّ مِن رُؤية العريس أوّلًا.
أمّ مصطفى: أكيد سَيُهاتِفُكِ وستسمعين صوته.
والله كَتَّرْ خِيره صوتُ المرأة عورة ولا أُحِبُّ حديثَ التلفون، إنّه زواج .
أمّي مُؤَكِّدةً كلامي: فعلًا لا بُدّ مِن رؤية صورة العريس حتّى ..
أمّ مصطفى مُتجاهِلَةً الكلام: واللهِ يا أمّ جميلة أنا ارتَحتِ لك وأحببْتك كثيرًا وأَتَمنّى أنْ تَكُونِي مِن نَصيب ابني يا جميلة.
وانصرف الجميع بعد الكثير مِن الكلام مِن هُنا ومِن هُناك.
………………………………
اعْتقدْتُ أنّ الموضوعَ انْتَهى؛ لأنّه مَرَّ الكثير ولم يُحدِّثْني أحدٌ بالموضوع إلّا أنِّ أُمّي لم تَكُنْ لِتَنسى.
-جميلة… يا جميلة… بت يا جميلة.
-أيوه يا أمي، خير؟
أُمّي: أهل أمّ مصطفى يريدون زيارتنا لقراءة الفاتحة.
-مَن؟!!!
أُمّي: السّيِّدة التي أَتَتْ برفقة خالتك مُنذ فترة.
-(بكلِّ دهشة) أُمِّي أأنتِ جادّة؟؟
أُمّي تَرُدُّ بكلِّ فرحة: طبعًا، إنسان مُتَديِّن ومُلْتَزِم، لقد سَأَلَ أبوكِ عنهم .
-كيف أُوافِقُ على شخصٍ لم أَرَهُ؟! إنّه زواجٌ يا أُمِّي، ليس مَعقولًا ما تفعلينه.
أُمِّي: سيتَّصلُ بكِ ويُحادِثُكِ وسَتَعْرِفينَهُ، لا تقلقي ولكن بعد كَتْبِ الكِتاب؛ لأنّه حرامٌ طبعًا يسمع صوتك دون أنْ تكوني على ذمّته.
-نعم! البشمهندس يريد كتب الكتاب كي يسمع صوتي!! إنّه الجُنُون بعينِهِ، أَلا يُوجد عاقِلٌ هنا غيري؟ وهل يُوافِقُ أبي على مثل هذا؟
أُمّي: طالَما أنّهم أُناس طيِّبونَ فما المشكلة؟
كلامي مع بابا لما يرجع.
………………………………

-أبي أنا ………
يُقاطعني أبي: لنْ يحدثَ شيء يا جميلة لا تُريدينه.
-أبي تفهَّمْني قليلًا، لا أُحبِّذ هذه الطريقة في الزواج، الزمن اتغيَّر.
أبي: ما زالَ هناك أناسٌ طيِّبونَ رغْمَ تغيُّرِ الزمن.
-يأتي العريسُ بنفسِه كي أَراهُ وَأُقَرِّرَ بنفسي.
أبي: تعلمينَ جيِّدًا أنّه بالخارج وَوَكَّلَ أُمَّه بهذه المهمّة.
-إذن لا أُوافق على أُمِّه.
تتدخّل أُمِّي بكلِّ عصبيّة: يا لكي من فتاةٍ عنيدةٍ غبيّة.
أبي: دَعِيها وشأنَها، إنَّه قرارُها .
هنا تتدخَّلُ أُمّي: ما معنى هذا؟ سنرفُضُ هذا أيضًا؟؟
أبي: إذا كانَتْ رغبة جميلة بالرفض؟
ينظر والدي إليَّ لِيَضَعَ الكُرةَ بملعبي: نعم أرفُضُ وبِشدّة طريقةً لا تُناسبني.
أبي: إذن كما تُريدينَ إنَّها حياتُك.
أُمِّي في غضبٍ: ما هذا الهُراء؟! لقد سَأَلْنا عنهم، أناس طيّبون.
-أُمِّي الكثير مِن الأُناس الطيِّبينَ أبناؤهم غير طيِّبينَ، ليسَتْ قاعِدةً عامّة .
أُمّي: ارحميني مِن هذه الفلسفة قليلًا، انظري حولَك وكَفى نظريّات فلسفيّة .
-أَخْبِريهم يا أُمِّي فَوْرَ نُزُوله مِصر يُمكنه زيارتنا.
أُمِّي: أتعتقدين أنّه سيظَلُّ بانتظارك, أُمّه ستخطِبُ له أُخْرى .
إذن مبارك، كلُّ شيء نصيبٌ بالأول والآخر… وقبَّلْتُ يدَيْ أُمِّي وانْصَرَفْتُ، ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحَدِّ.
………………………………
خالتي عفاف مُوَجِّهةً حديثَها لأُمّي: البنات مِن سِنِّ جميلة وأصغر تزوّجوا ومعهم أولاد الآن لم تَعُدْ صغيرة على الرفض.
أُمّي في حُزنٍ: ماذا أفعلُ؟؟ دائمًا تُغضِبُني ويُشَجِّعُها أبوها كثيرًا.
خالتي عفاف تنظُرُ إليّ: أتتذكَّرينَ حسام؟ هذا الذي فعَلَ المُستحيل لأجلِك؟
أنا بِكُلِّ مَلَلٍ من نفس الأسطوانة: ها؟
خالتي عفاف: تزوّج وأصبح أبًا وأنتِ ما زلْتِ تَتَفَلْسَفِينَ .
كانَ يُضايِقُني مثلُ هذا الكلام كثيرًا، لكنْ رَدَدْتُ ببساطةٍ: مبارك.
أُمّي تُكْمِلُ: والدكتور أحمد خطب وفرحه قريب, سمعتي زغاريد أمس فرح بنت جارتنا صاحبتك على فتى مُدمِنُ مُخدرّات وتاجر أيضًا.
-نعم!! لماذا؟؟
أمّي: ولد يسمّى هاني يبيع مُخدّرات.
يعرفون عنه ذلك وَيَرْضَونه زوجًا لابنتهم .
أمّي: أتعتقدِينَ أنّ الناس معقّدة مثلك, وافقوا طبعًا؛ لأنّه عنده شقّة وعربيّة، وأُمّها قالَتْ: ستُصلِّحُه ابنتي, الناس تريد الفرح .
ثمّ تُكمل خالتي: ركِّزي قليلًا يا جميلة يا بِنتي واعقلي.
هو الهدف في الحياة الزواج فقط, أيّ شخص والسّلام، لا يهم مَن هو، ولا تهمُّ أخلاقه؟؟
أُمّي: الزواج مثل البطّيخة، أنتِ وحظّك.
عليّا أختار صح، حد أكون راضيه عن نفسي معاه؛ كي أتحمَّلَ نتيجَةَ قراري.
خالتي: بلا فلسفة، نحن أدرى بمصلحتك.
حاضِر… بالمُناسبة أنا أَحب أدرس اختياري بعد إذنكم يعني .
أمّي: والله أنتِ هَتْمَوِّتِيني ناقصة عُمْر.
خالتي: عارفه لو اتجوِّزتِ واطَّلْقتِ أهون مِن إنّك ترفضي كده كلّ شويّة .
-عادي يعني اتجوِّز وأطلّق؟!
خالتي: حينها ستجدين ألف مين يتجوِّزك، لكن لو ظلِّيتِ هكذا لن تتزوَّجي أبدًا .
الصراحة، أنا لم أَعُدْ أَفهم فكرةَ الزواجِ ولا فاهمة طريقة تفكير الناس .


يتبع ….

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق