الأربعاء، 20 يناير 2016

كانَ وسيمًا إلى أنْ تكلَّمَ


أيوه.. ألو.. ألو.. يا قنديل، كيفك يا أخويا؟ الصوت بيقطع.. نحن بخير.. إيه؟؟ الصوت غير واضح؟؟ لا أسمعك جيِّدًا, أنا بخطب لعزايم وعند العروسة الآن… لا لا بنت ناس محترمين وطيبين قوي.. كتَّر خيرك يا قنديل هي في حجم شمعة بنت أزهار… سلامتك يا غالي… مع السلامة. خير يا ست أم عزايم؟؟ أمّي تسأل. دا قنديل أخويا بيكلّمني من السعودية يا ست أم جميلة، وبيسأل عشان يجيب للعروسة عباية وهو راجع. أمّي: يجي بالسلامة والله دا علي اعتبار إني وافقت وهتخدوني معاكو وانتو ماشيين (أنا في سرّي) ضحكت لحماتي أم عزايم قائلة: يجي بالسلامة يا طنط أم عزايم: تؤتؤتؤتؤتؤ طنط إيه؟ قوليلي يا أمّه، انتي زي بنتي برضه. أبتسم قائلة: حاضر يا أمة أم عزايم: شايفه طالعه من بُؤِّك حلوه إزاي؟ أيوه كده، دا احنا هنبقى أهل، ونظرت لأمي قائلة: أستأذن أنا بقه يا أم جميلة وبكره أجيب عزايم يشوف العروسة. أمّي: تشرّفي في أي وقت، بيتك ومطرحك يا أم عزايم.
أمّي: أما يا أبو جميلة متعرفش الست دي طيّبه أدِّ إيه، ارتحت لها أوي. أبي: المهم جميلة يا حجّة. أمّي: هي بنتك بيعجبها العجب موقفه حال المراكب السايرة. أبي: كل شيء نصيب يا أم جميلة. أمي وأبي في حوار خاصٍّ وكالعادة بستمع خلسة… وتاني يوم في الموعد المحدد.. عزايم قاعد مربَّع ايده وينظر للأرض، افتكرته نام لقيت أمِّي بتنبهني: شايفه الأدب والاحترام؟! شايفه الأخلاق؟! أردُّ بإعجاب: لا هو من ناحية أخلاق فهو أخلاق، وسيم وطول بعرض.. والله يا بو جميلة من ساعة ما شفت الآنسة جميلة معاك وإنت بتصلِّح العربيّة، قلت هي دي مراة أخويا (الأسطى شفيق أخو عزايم) أبي: ربنا يبارك فيك يا اسطى شفيق, ويا ترى الأستاذ عزايم شغّال إيه؟؟ يرد العريس عزايم: أنا كسِّيب ولله الحمد يا عمّي… وهنا تقاطعه أم عزايم قائلة: هُمّا العرسان مش هيقعدوا يتكلَّمو مع بعض شويه يا أبو جميلة دا بعد إذنك طبعا؟؟ أبي: آه.. طبعًا طبعًا.
إِيهِ الوادْ الأمُّور دا؟! (أنا بس في نفسي) قاعد مربَّع إيده برضُه وساكت وبعدين أبدأ أنا بقه الكلام وخلاص. جميلة: إزَّيَّك يا أستاذ عزايم. عزايم: بخير يا آنسه جميلة. جميلة: نوَّرتونا النهارده. عزايم: الله يخليكي دا نورك. ويسود صمت لفترة لأبدأ من جديد متسائلة: هو أنت دراستك إيه؟ عزايم: دراسة إيه يا أستاذه هو العلم بيأَكّل عيش؟ جميلة: نعم! عزايم: أنا كنت في الدَّبلون بس مكمَّلْتش. جميلة: يا أهلا وسهلا. عزايم: أنا كنت بحب الدراسة بس الشغل أحسن. جميلة: آه طبعًا. عزايم: طب أديكي معاكي شهادة أهو، عملتي بيها إيه؟ جميلة: ولا حاجه.. علي رأيك معاك حق. عزايم : خلِّينا في المفيد. جميلة: خلِّينا. عزايم: أنا قولت لأخويا إنك مش هترضي بيّا عشان معاكي شهادة بس، قالي معتش فرق، هو حد لاقي عرسان اليومين دُول ولا إيه؟ جميلة: إيه؟ هههه… آه طبعًا حد لاقي عزايم: أنا من عيله ميكانيكيه أصلًا دي الشغل الأساسي بتاع عيلتنا بس أنا الحمد لله ربنا كرَّمْني واشتغلت سوّاق في شركه، ومرتبي فوق 700جنيه. جميلة: ما شاء الله ربنا يكرمك ويزيدك. عزايم: بصراحة أنا كمان ابن بلد وأفهم في الأصول ومحبِّش مراتي تشتغل ولا تخرج من بيتها غير معايا طبعًا. جميلة: آه حقك طبعًا. عزايم: وشهادتك بقه, يفكِّر قليلًا محدثًا نفسه: هتعملي بيها إيه؟ هتعملي بيها إيه؟ ثم ينظر إليها مُكمِّلًا حديثَه: إبقي نْفَعِي بيها العيال، عيالنا يعني! جميلة: آه طبعًا!!! عزايم: بُصِّي يا آنسه جميلة. جميلة: بصِّيت. يُكمِّلُ حديثه: طالما أمِّي وأخويا ارتحولك فاعتبري إنّي موافق، اتشاوري مع الجماعة بقه وابقوا رُدُّوا علينا. جميلة: حاضر.
دا مُلَخَّص سريع لما دار بيننا وقتها على ما أتذكّر, حقًّا كانَ وسيمًا إلى أنْ تكلَّمَ.. صحيحٌ المَرْءُ مخبوءٌ تحت لسانه, كنتُ في حالةٍ مِن الدهشة، بصراحة هو وسيم وأَمُّور وبيشتغل، كلّ دا كويِّس، بس التعليم! أمّي: متعقّديش الدنيا، ناس كتير مِتعلِّمة ومعاها شهادات، عِمْلُوا بيها إيه يعني؟ جميلة: والله… معملوش بيها حاجه، أمّال كنت بَتْعَلِّمْ ليه بقه؟ أمّي: بلاش فلسفه خايبه، عريس حلو وابن ناس، أنظر لأبي: تكلَّم يا بابا، ساكتْ ليه؟ أبي: هُمّا كويِّسين يا جميلة يا بنتي. جميلة: يعني عادي أتجوِّز واحد مَعْهُوش شهادة عشان حِلْو وكَسِّيب؟! أبي: مبدئيًّا الناس موافقين علينا قرِّرُوا عشان نردّ عليهم. أمِّي: موافقين. جميلة: مش موافقة، وكفايه تخدي قررات بالنيابة عنّي. ثمَّ نهضْتُ مُسرِعةً إلى غرفتي ولم أستمع إلى أيّ كلام في هذا الشأن.
بعد مُرُور أسبوعين، أبي: الناس اتَّصلوا يا بنتي وعاوزين ييجوا, هُمّا كويِّسين، أنا سالت عليهم، سِبناكي براحتك تفكَّري. جميلة: يِيجو، مَنا كلامي مالُوش لازمة. أبي: بارك الله فيكي، وإذا كان عليّ التعليم مش مشكلة المهمّ إنه بيشتغل. جميلة: ماشي.
وتدخل أم عزايم مهلّلةً ببعض الزغاريد: سلام عليكم، إزَّيِّكْ يا أمْ جميلة. أمّي: أهلًا يا أم عزايم، اتفضَّلي يا ختي. أمّ عزايم: ازَّيِّكْ يا عروسه؟ اللهمّ صلي على النّبيّ، قمر 14. أمّي: أهلًا وسهلًا. أم عزايم: تعالى يا عزايم متكِّسفش، ادخل. أمّي: سلّمي على الأستاذ عزايم يا جميلة. أُسلِّمُ بخجل: أهلًا وسهلًا، اتفضَّلْ. عزايم: أهلًا يا آنسه جميلة. أم عزايم: إحنا بنفهم في الأصول وبصراحة يشرفنا نسبكم، وجايين نتِّفق معاكو وتحت أمركو في كلِّ إلّلي تطلبوه. أبي: الله يخليكي يا ست أم عزايم، الأمر لله وحده. أم عزايم مُكَمِّلةً حديثها: أنا ربِّيت ولادي علي الأُصُول بعد وفاة أبوهم، كُنْتْ أبِّ وأمّ، ربِّيتهم رِجّالة. أمّي: ما شاء الله! ربِّنا يخلِّي ويْبارك. ينهض الأسطى شفيق مُقبِّلًا رأس أمِّه ويهمُّ عزايم لتقبيل يَدِها… وستنهمر دموعي قريبًا. أم عزايم: بعد إذن أبو جميلة عزايم يقعد مع العروسة. أبي: موافق. وها أنا مره أخرى هو مختلف ليه المرّه دي عن المرّه إلّلي فاتِتْ؟ (بقول في نفسي). بدأ الحديث المرّه دي مباشرًا. عزايم: ازَّيَّكْ يا آنسه جميلة؟ جميلة: بخير الحمد لله. عزايم: البلد حالها مقلوب من بعد ثورة 25 يناير، والدنيا هايصه في بعضها. جميلة: إنت ضد الثورة؟ عزايم: آه طبعًا، ثورة إيه يا أستازه؟! دا شويّة عِيال ولاد، مالْهُمِّش أهل، الله يِخرب بُيُتوهم، الثوره دي جَت على الغلابة إللي زَيِّنا! جميلة: أنا مع الثورة، على فكره وشاركت فيها. عزايم: نعم! شاركتي فيها إزّاي يعني؟ رُحْتي التحرير يعني ولا إيه؟!!! جميلة: أيْوَنْ. عزايم: لا والله إنتي بتتكلِّمي بجد ولا بتهزَّري. جميلة: بجد جدًّا. ثارَ وماجَ. لا يا أستازه إستنِّي يا أمَّه متتفقيش على حاجه الله يرحمك، ياباه مشفتش مرّات بنتك كانت في التحرير؟ أم عزايم: تحرير إيه يا وله؟ إللي بيجي في التليفزيون؟ عزايم: آه يا أمّه، قال إيه كانت في التحرير. أم عزايم: داهية توقف حالهم بِتُوع التحرير دول. أمِّي تُحاول تهدئة الموقف: بس استهدي بالله كده يا أم عزايم. الكلام دا بجد يا أم جميلة؟ أم عزايم بتسأل، أمّي ترد: وفيها إيه يا ختي؟ عزايم: يالله يا أمّاه، فرصه سعيده يا حجّ.. قال تَحرير قالْ. جميله: إنتو واخدين علبة الجاتوه في إديكو تاني؟! أم عزايم: أيوه يا ختي إحنا أولى بيها.
أمّي: كده انبسطتي طفِّشتي الناس وارتحتي؟ جميلة: هو أنا عملت إيه؟؟ أمّي: بيتقوليله كده ليه وتزعليه؟ أبي: استهدي بالله يا أم جميلة، صحتك مش كده. جميلة: ازعَّله!!!! ينفلق مع السلامة. أبي: كويِّس إنّهم مشيوا؛ لأنّي أحبّ جوز بنتي يكون معاه شهادة محترمه زّيِّكْ كده. جميلة: بجد؟! يعني مِش زعلان يا بابا؟ أبي في حنان: أبدًا، أنا تِهِمِّني راحتك. أمّي: حد لاقي عريس زي ده طول بعرض؟ منِّك لله يا جميلة، مش هتفرَّحيني في حياتي أبدًا. جميلة: كل شيء نصيب يا ماما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق