الخميس، 24 ديسمبر 2015

النوبى ويوم عمل

النهاردة كان يوم شغل عادي..وده العادي..مافيش اجازات ولازم تقدم شوية تنازلات في الشغل عشان تبقي حلو ..بردوه عادي... ثانيا هو الانسان في مصر ايه غير مجموعة تنازلات فوق بعضها..ولما تقبل ان يكون ده العادي ..فالعادي هيفرح بيك ويقولك مبروك خسرت محاوله انك تكون انسان مش عادي واتفضل خش علي المستوي التاني وتنازل تاني ومش عادي بس انت بقدراتك هاتخليه عاااادي وهكذا وهكذا....عدي الجزء النظري من الشغل وقولت النهاردة مافيش عملي وعليه اروح اتمشي شويه علي البحر واتكلم معاه وافضفض ..دا حبيبي من زمان من ايام ما كان في البحر سمكة بتزق سمكة وعالشط واقف صياد بشبكة بينادي علي النورس ويغنيلهم ويقولوهم ياطيور النورس يالي مقابليني,غنوا سوا كوراس واهتفوا ورا مني ,حياة البحر بحر حياة... ياااااه....جايلك يابحر اقعد معاك شوية ..احكيلك عليي كان واللي جري ليا...
قولت اروح عند بحر جليم علي الرملة وافرش منديلك عالرمله وانا لف واجيلك عالرمله واسمع مواويلك عالرمله...وفي خطاي المسرعة نحو المش العادي لاقيت اتنين عساكر بيوقفوني ويوفوقوني ويقولولي ممنوع!!!...
انا :هو ايه اللي ممنوع عايز انزل اقعد...
هما: ممنوع
انا : ليه
هما :ممنوع
انا : ايه؟؟؟!!!!!!................ عارفين اللي بيعمل حادثة وتخبطوا عربيه بيحصلوا ايه.. ملخص شريط عمره كله بيعدي قدامه في لحظات واضحة وكمان بوجهة نظر تانية خالص ...وهو ده اللي حصلي لما سمعت ردهم. .....بحر جليم؟؟!!!!! ياااااااه يابحر..دا في مقام جدي ويمكن اكتر ...دنا قعدت معاه اكتر ما قعدت مع جدي....بحر جليم؟؟؟!! دا عيشتي وطقولتي كلها ...كان شئ مقدس ان امي وانا وجارتنا وابنها بعد العصر نتغدي هناك ونطير طيارات ..حتي لما هما كانوا بيروحوا المنتزة ,كانت امي بتروح جليم وفي ركن هادي تقولي انطلق وعيش ...ياما بنيت بيوت ورسمت علي رمله جليم ... كان احلي يوم لما شوفت زميلتي في ابتدائي مع اخوها منورة وهي لابسه فستان ابيض قصير وشعرها الدهبي ديل حصان ...وكان اول مرة اشوفها بره المريله الصفرا..دنا يامؤمنين يوم مااول مرة في حياتي اكتب جواب.. واللي كان ليها.. روحت البحر اقوله اكتب ايه ..والغريب انه سمعني اغنية فيروز "بكتب اسمك" والغريب اكتر اني فهمت مغزي الاغنية وقررت احتفظ بالجواب لنفسي......بحر جليم؟؟!!!! ياااه يابحر ....كبرنا والبحر كبر معانا ...كنت بروح اغنيله البحر بيخطفي يحكيلي ويغني ..وعدي الهوي عدي ..الله يمسيها بالخير حنان ماضي.. ويااااسكندراني شطك ندهني رجعت تاني...وعارفه....دانا يامؤمنين حبيت القناه الخامسة عشان خاطر بحر جليم...دنا حبيت اكل الجيلاتي في الشتا عشان ارتبط بأسمك .....حتي النداهة اللي كانت بتطلعلي من سنة كانت من بحر جليم ..اقوم اغيب عنك شوبة الاقيك اتحبست..والضحكة مابقتش مرسومة علي موجتك..ولا تضحك ليه... اصل الحكاية ماضحكش.
..................................................................................
فوقت من الصدمة وحاولت ألملم اشلاء ذكرياتي واروح لأي صيدلي اخد حباية نوستالجين...دي حباية كل ماذكرياتي تنقح عليا اخدها جنب كونسبت الحمدلله علي نص كوبايه مية من البحر ....
مشيت قبل مامواطن وطني متوطن يقولي مش احسن من بحر سوريا وليبيا واليمن؟!!....
مشيت ووشوش العساكر بتقولي ايييييييييييييييييييه انت نسيت نقسك ولا ايه؟؟....هووو اصحي... انت نسيت القاعدة ولا ايه...اياك تعيش عيشة المش عادي ...عيش عيشة اهلك وارضي بالعادي اللي هو في الاصل مش عادي...............................
اه ياجليم يا بحر الغلابه....الغيم هش حملانك وسكن مكانهم ديابه

الأربعاء، 23 ديسمبر 2015

جلال وسعيد


أستيقظت باكراً قبل سطوع الشمس كعادتى وخرجت الي حديقه منزلى أتامل جمال الاشجار و صوت العصافير , تعودت ذلك منذ كنت صغيراً ... فالحياة لا تبتسم كثيراً للكسالى . جلست على كرسي خشب مصنوع من احد اشجار حديقه منزلنا و تذكرت صديقى سعيد وابتسمت فور تذكرى له فسعيد دائما يذكرنى بالمحبة , ذات يوم عدت انا وسعيد للمنزل نبكى فاستقبلتنا امى بحنان وقلق قائله : ما بكم يا صغارى ؟ اخبرتها وانا ابكى : ان المعلم اخبرنا ان المسلمين فقط سيدخلون الجنه , مما يعنى انى لن ارى سعيد بالجنة , وانا لن ادخل الجنة بدون سعيد , سعيد مسيحى ليس مسلماً. اغمض عيونى لاتذكر ذلك الحضن الدافئ .. حيث احتضنتنا امى واخبرتنا : طالما تشربون اللبن وتنامون باكرا وتسمعون كلامى ستدخلون الجنه معا . وهنا هدئنا قليلا وظللنا نشرب اللبن لوقت طويل ونسمع كلام امى , ولم نكترث لكلام المعلم كثيرا , وعلمنا فيما بعد ان السماء مرتعا للجميع . يقاطع تفكيرى صوت رفيقه دربى وزوجتى الحبوبه فاديه : صباح الخير يا جلال , الشمس طلعت وانت لسه سرحان . اقبل زوجتى قائلا : صباح الخير يا فاديه . فاديه : اقف منذ فترة هنا ولم تنتبه لوجودى .. ما بك يا عزيزى ؟ جلال : تذكرت صديقى سعيد وامى وذكرياتنا معا , افتقده بشدة . فاديه : سعيد صديقك بكندا الان اليس كذلك ؟ جلال : نعم انه بكندا .... يبدوا انه شرب اللبن اكثر منى , انه في الجنة .... يقاطع حديثنا صوت جرس هاتفى انه سعيد , امعقول هذا !!! انا افكر بك الآن يا سعيد ؟ سعيد ضاحكا : اليس الوقت باكراً للتفكير بى يا صديقى ؟؟ جلال : انت دائما ببالى , تذكرت يوم ما ان عدنا باكين من المدرسه لان المسلمين فقط هم من سيدخلون الجنه , اتتذكر ذلك اليوم ؟؟ سعيد : نعم اتذكرة انه دائما بمخيلتى , الله المحبه يا جلال , وانت المحبه

من حكايات ابو ربيع النوبى

راكب قطار مكيف (من غير شبابيك ولا ابواب ) من فيافي وقفار مطروح وقبل مايطلع القطر المتحزم في مواعيده (علي واحدةونص بعد ميعاده الرسمي) قولت اكسر الرجيم القاسي اللي عامله لنفسي واعزم نفسي بقة علي رغيفين سوخنين وفلافيتين طلعين من غطس زيت موبيل1 واشبرأ نفسي بالكبيرة بقة علبة عصير ماركة "اشرب وانت ساكت واحمد ربنا عالنعمة" المهم اكلت وشربت والحمدلله وكعورت كيس الاكل وكنت هارميه بس فجأة لاقيت نفسي بكلم الكيس وعلبة العصير: ....
انا ضاحكاً ضحكة حكيمة..(شبه بتاعة الروؤساء كدة) :
ههههههههه تصدقوا كنت لسه هارميكوا من الشباك بس ابقي غلطان ..هههه انا عايزكوا تاخدوا النصيحة دي من واحد غلبان زيي هههههه صحيح
علبة العصير والكيس: ...........................!!!!
انا: ايه اللي هاتستفيدوه لما ارميكوا علي الارض وتفضلوا في مكانكم لحد ما حد يفكر يمد ايده ويشلكم من مكانكم ده اذا حصل ولو ماحصلش يبقي اتحكم عليكم تتحللوا في مكانكم وتبقي دي نهايتكم وماتقولوش ده قدرنا
علبة العصير والكيس: .............................!!!!
انا : انا حاكيلكوا حكاية صغيرة ...صلوا علي اللي نبي خالق الخلق وخلي الخلق مختلفين
علبة العصير والكيس: ................................ عليه الصلاة والسلام (نطقوا ...لا تخرج قبل ان تقول سبحان الله)
انا: وانا صغير كنت بتفرج علي اوبريت عرايس ماريونت كان معلق في دماغي اوي عارفين ايه هو ...هو الكتكوت الفصيح ..كتكوت قرر يسيب العشة بتاعته وعالمه الطبيعي وقرر يسرح ويكتشف الدنيا ويعيش التجربة ..لف ودار واتعلم واتعلم عليه وبعد ما فهم شوية قام رجع يشوف عشته وناسها ...لقي العشة زي ماهية بس الكتاكيت بقوا عواجيز انما هو لساته شباااااب ...عارفين انا قصدي ايه
علبة العصير والكيس: .............................!!!!
انا : قصدي خليكوا في القطر لفوا وشوفوا البلاد ومتخافوش ..هتلاقوا ناس طالعة وناس نازله اشكال والوان.. صعيدي وفلاحي وسوري..ريفي وبندري ...ابيض واسمر وقمحاوي ....ناس راكبة القطر وشايله الهم معاها وناس رميته قبل ما تركب ..ناس هتلاقي وشها بيحكي حكايات وناس بتيجي جنبك وتحكيلك حكايتها وتمشي وتختفي ...ناس رايحة تدور علي مستقبلها وناس رايحة تدور علي المجهول ...بصوا ..بصوا هناك ..شايفين الراجل ده ..دا القطر بقه بيته بعد ماكان كان وكان....بصوا ..بصوا.. شايفين الست اللي هناك دي ..دي معلمة كبيرة بلغت علي جوزها واترمي في السجن وخدت كل فلوسه ...بصوا بصوا ...شايفين دول..دول سوريين وطبعا عارفين حكايتهم ..بصوا عيالهم بصوا.. شبه الملك فاروق واخواته البنات وهما صوغيرين....احكيلكوا ايه ولا ايه ..اقولكوا ..احكيلكوا حكايتي.......
علبة العصير والكيس: __________________________
وما ان بدأت حكايتي,نظرت اليهم فلم اجدهم,,فقد قفذوا من القطار
..................................................................................تمت


الجمعة، 4 ديسمبر 2015

فادية وجلال


دى قصه حقيقيه بطلها جلال زكى وهو بطل اعلان سيلا و استاذ حاليا بالجامعه الامريكيه

لم أَكُنِ الوحيد الذي أَحَبَّها، فقد لَفَتَتْ نظر الجميع، بابتسامَتِها ووجهها المُشرق، ورشاقَتِها وخِفَّةِ ظِلِّها، كانَتْ كلوديا كاردينالي الجامعة.
أَتَذَكَّرُ ذلك بعد زواجٍ دامَ (45) عامًا… الأيّام تَمْضِي مُتعاقِبةً وَنَهْرُ الحُبِّ جارٍ، فما زالَتْ شابَّةً وجميلة، الزمنُ يَجْرِي ولكنْ لم يُغَيِّرْنا… لِخُطُوطِ الزمن بِوَجْهِها ذِكرياتٌ وحِكاياتٌ تَجْمَعُنا.
أَشْرُدُ بِذاكرتي وأنا أَتَأَمَّلُها وهي عجوز نائمةٌ بِجِواري، بانتظار أنْ تُوقِظَني كعادَتِها بعد مُنتصف الليل لأتذكَّرَ.
فادية الفِلَسطينيَّة الجميلة التي أَتَتْ مِصْرَ لِدراسة عِلْمِ النفس وهي مِن أُسْرَةٍ ذاتِ أُصُول عَريقة، فوالِدُها طبيبٌ عالَجَ الكثيرينَ مِنَ الشخصيّات العامَّة في الوطن العربيّ.
كانَتْ فتاةً مَرِحَةً قَوِيَّةً، وَقَعْتُ بِحُبِّها مِن أوَّلِ نظرةٍ ولكنِّي ما قَدِرْتُ على الاقترابِ مِنْها والاعتراف لها بِحُبِّي، فقد كانَتْ مَحَطَّ إعجابٍ للجميع، فَأَحَبَّها دُكتورٌ في الجامعة يَكْبُرُها بخمسةَ عشر عامًا، وشابٌّ آخرُ مُعِيدٌ، وطالِبٌ صديقٌ لنا.
وكُنْتُ على عِلْمٍ بِمُعْجَبِيها ولكنِّي لم أَمْنَعْ نَفسي مِنَ الوُقُوع في حُبِّها، أو حتّى التفكير بها يومًا ما.
مَرَّتِ الأيّامُ بطيئةً وَقَرَّرْتُ أنْ أَصِلَ إلَيْها بطريقٍ آخر، اقْتَرَبْتُ مِن صَديقتها المُقَرَّبة وَعَرَفْتُ عن فادية الكثير. كُنْتُ أَعْتَبِرُ أنَّ الحُبَّ مُغامَرةً، وفادية كانَتْ مُغامَرَتي المنشودة.
أَتَذَكَّرُ ذلك اليوم الذي تَجَرَّأْتُ فيه وأَخْبَرْتُ صديقَتَها أنِّي أُحِبُّ فادية وأَتَرَجّاها ألّا تُخْبِرَها.
عَلِمَتْ فادية بِحُبِّي لها، وَبَدَأَتْ قِصَّةُ حُبِّنا… لم أُحَقِّقْ أيضًا مزيدًا مِن النّجاحات في الدراسة فَرَسَبْتُ وَتَرَكْتُ كُلِيَّةَ الاقتصاد والعلوم السياسيَّة والْتَحَقْتُ بكُليَّةِ التجارة ولم أُحَقِّقْ نجاحًا بها أَيضًا.
كُنْتُ أُحِبُّ النُّكَتَ والمُزاح كثيرًا كي أَجْذِبَ المزيدَ مِن المُعْجَبات، مُعجبات فقط فادية هي مَن كانَتْ بالقلب.. فادية فقط… فطلبَ مِنِّي أنْ أَشْتَغِلَ مُذِيعًا وَعَمِلْتُ وَحَقَّقْتُ نجاحاتٍ، لم أُقَدِّمْ لأيِّ وظيفةٍ، فقط القدر دَفَعَنِي للنجاح، وتزوَّجْنا بعد أنْ أنْهَيْتُ خِدمتي بالجيش، رغمًا عنْ والدها الذي تَبَرَّأَ مِنْها, واعْتَبَرَنِي شابًّا فاشلًا؛ لِكَوْنِي لم أَحْصَلْ على شهادة جامعيَّة.
كُنْتُ أَعْتَبِرُ نفسي مُغامِرًا كوني حَظِيتُ بفادية ولكنَّها كانَتْ مُغامِرَةً أكثرَ مِنِّي، دَفَعَتْنِي فادية إلى الجامعة مرَّةً أخرى حتّى يَرْضى عَنّا والِدُ فادية، فاسْتَقَرَّ بي الحال بكليِّةِ الآداب قسم اللغة الإنجليزيّة. وَحَصَلْتُ على منحة للدراسة في الخارج.
وَظَلَّتِ الحياةُ تَدْفَعُنِي لمزيد مِنَ النجاح وَرُزِقْنا بابْنَتَيْنِ، وَنِلْنا رضا والِد فادية الذي أَحَبَّنِي بعدَها وَشَكَرَها على حُسنِ اختيارها.
تَسْتَيْقِظُ فادية مِن نَوْمِها في موعدِها الثابت الثالثةَ بعدَ مُنتصفِ الليل لِتُوقِظَني مِن شُرُودي وأنا أَتَأَمَّلُها قائلةً: حَبيبي أنت صاحٍ؟ حبيبي؟؟
أَنْتَبِهُ لها: نعم يا فادية؟
فادية: أنتَ عطشانُ يا جلال؟
أَتَأَمَّلُ جمالَ وَجْهِها وأَبْتَسِمُ لها قائِلًا: حاضِر.
أَنْهَضُ مُسْرِعًا مُتوجِّهًا إلى المطبخ لأُحْضِرَ لها كوبَ الماء، دائمًا تُوقِظُنِي لِتَسْألَنِي السؤالَ نفسَه بعدَ مُنتصَفِ الليل أُدَنْدِنُ أُغنيتي عباد الشمس سيلا وتذكَّرْتُ كيفَ ساعَدَتْنِي فادية في تَأْلِيفِها وَتَلْحِينِها والظهور بها بهذا الشكل.
أَحْضَرْتُ لها كوب الماء، شَرِبَتْهُ وَغَطَّتْ في نَوْمٍ عَميق، وابْتَسَمْتُ مِن أَفعالها فَتَذَكَّرْتُ ذاتَ مرَّةٍ أنَّها جَعَلَتْني أَخْلَعُ ضرسي حتّى تَتَأَكَّدَ أنَّهُ لنْ يُؤْلِمَ فَتَخْلَعُ هي ضِرْسَها فَكانَتْ مَريضةً وَتَتَأَلَّمُ ولم أَبْخَلْ عليها بضرسي.
فاديةُ هي الجَنّة… هي النَّعِيم… قَبَّلْتُها واحْتَضَنْتُها بينَ ذِراعيَّ وابْتَسَمْتُ، فأنا دَرَسْتُ في أَعْرَقِ جامعاتِ العالَمِ، وحاليًّا اُدَرِّسُ بأكبر الجامعات بِمِصر، لم أُخَطِّطْ لِشَيْءٍ ولكنِّي كُنْتُ مَحْظُوظًا بشكل أو بآخر… نِمْتُ أنا الآخر فالذِّكريات بالقلب لا تَنْتَهِي ولنْ تَنْتَهِي… هذا ما يَحْدُثُ عندما يَعْشَقُ الرَّجُلُ… فادية المحبَّة.

الأربعاء، 2 ديسمبر 2015

من ذاكرة الجنرال " فور استلام عملى "

كان لم يمضى على استلام عملى كمعاون مباحث قسم امبابه 48 ساعة ..وعند دخولى باب القسم اتجهت بغريزتى وبحكم العشره ناحية النوبتجيه ..رحب بى الملازم شربن حسنى الذى كان قد حل محلى ...وجلست معه... فقد كان الدرس الاول الذى تعلمته من صلاح بك امين مأمور القسم ..ان اكون على صله مباشره ووثيقه بالنوبتجيه وكل العاملين بها ...فهى غرفة العمليات المركزيه التى لا تهدأ ولا تنام على مدار ال24 ساعه..وكل الاحداث والقضايا لابد وان تمر من خلالها ..اثناء وجودى بالنوبتجيه تلقى الملازم شرين بلاغ بمصادمه ومتوفى فتهيأ للانتقال لمكان الحادث..ونظرا لحداثه عهده بالخدمه وقلة خبرته فقد رأيت ان اصاحبه لمكان البلاغ ..بوصولنا لمكان الحادث وجدنا حثه لطفل مسجاه فى وسط شارع المنيره بامبابه وبمعاينتها وجدت لطفل لا يتجاوز العاشره من العمر يرتدى جلباب رأسه مهشمه تماما وخرج من جمجمته جزء كبير من مخه ...وبسؤال بعض الاهالى الذين كانوا مجتمعين حول الجثه .. قرروا ان السياره المتسببه فى الحادث قد هربت دون ان يراها احد ولم يلتقط اى بيانات عنها .....الا ان بعض الاهالى تعرفوا على الطفل وتبين انه من اهالى المنطقه ..واثناء وقوفنا حضرت اهليته ..انتظرت مع الضابط شرين لحين نقل الجثه الى مشرحة مستشفى امبابه المركزى ...عدنا للقسم وتولى الملازم شرين تحرير محضر بالاجراءات واخطرت النيابه ..كانت الساعة قد تجاوزت العاشره من صباح هذا اليوم وكان السيد المأمور قد وصل الى مكتبه ...صعدت الى مكتبى ..بعد عشرة دقائق استدعانى السيد المأمور ..وقال لى ..انا عرفت بحادث المصادمه وعرفت كذلك بأنك انتقلت مع الضابط النوبتجى ...وان هناك طفل قد مات ...وان السياره التى تسببت فى الحادث قد هربت بقائدها بعد ارتكاب الحادث ...مطلوب منك تحديد شخصية المتهم والسياره المتسببه فى الحادث ..اعتبر ده اول اختبار لك فى اعمال المباحث ...ارواح الناس واموالهم مسؤليتنا وده واجبنا الاساسى ...عدت الى مكتبى واستدعيت بعض الشرطه السريين واتكلت على الله ..عدت الى مكان الحادث وجلسنا على مقهى قريبه واخذنا نستفسر ونستقصى ونسأل اصحاب والعاملين فى المحلات وساكنى المنطقه ...لم يكن هناك بصيص امل ...غطينا مواقف السيارات والمترددن والغرياء ...قلت للشرطه السريين ...نحن مستمرين ولن نعود الا مجبورين الخاطر ...كانت الساعة قد تجاوزت العاشره ليلا ...ولازلت جالسا على المقهى والشرطه السريين بيجوبوا المنطقه دون كلل او ملل ...وفى الحادية عشر مساء شاهدت طالب الشرطه جمال الجوهرى الذى كان يقيم فى منطقه قريبه ...فحيانى وجلس معى و لما علم بالموضوع استأذننى فى عمل تحريات فى هذا الموضوع فأذنت له لانى اعرف تماما ان اهالى المنطقه قد يطمئنون له بإعتباره قريب منهم ...وانصرف وعاد بعد ساعتين بمعلومه تتضمن ان مرتكب هذا الحادث سياره نقل كبيره وانها تقف الان امام منزل قائدها على مسافة كيلو متر من مكان الحادث ..وان السياره قد غسلها قائدها بالماء ...على الفور تحفظت على السياره وارسلت اشاره الى المعمل الجنائى حيث حضر خبيرين فى صباح اليوم التالى اذكر ان احدهم كانت سيده متخصصه فى فحص الاتار الحيويه (البيلوجيه ) وذلك لفحص السياره ..اسفر فحص خبراء المعمل الجنائى علة العثور على اثار دماء وانسجه بشريه فى اجزاء من اطار الكاوتش .. قمت بضبط قائد السياره...وبمناقشته وتضيق الخناق عليه وبمواجهته اعترف بإرتكابه الحادث ...قمت بتحرير محضر بكل ما تم من اجراءات ..وكانت الساعه ...تشير الى الثانيه ظهر اليوم التالى دون نوم او راحه ...توجهت الى مكتي السيد المأمور ...واطلعته على محضر الاجراءات والضبط ..فنظر لى وهو يبتسم ابتسامه خفيفه جدا ...واشر على المحضر بعرضه على النيابه ولم ينطق بكلمه ...وكان اول درس تعلمته فى المباحث ...ان حماية ارواح المواطنيين واموالهم وضبط الجناه ...هى المسئولية الاولى لجهاز الشرطه.... سهى على ان اذكر ان طالب الشرطه جمال الجوهرى ..كان فى اجازة مذاكره ..وفضل معاونتى والسهر معى على استذكار دروسه ...قلت له وانا اشكره ...بعد الامتحانات لك عندى دعوة على فول وطعميه وحاجه ساقعه ..فابتسم وانصرف ....وكانت ايام

من ذاكرة الجنرال معاون مباحث

دائما ما يكون حلم ضابط الشرطه الصغير العمل بالمباحث ..ويظل يعمل ويجتهد حتى يلفت أنظار رؤساءه.... فيكون التحاقه بالمباحث هو الهدف والغايه ...الا ان الامر كان مختلف نماما بالنسبه للعبد لله ..فقد كنت سعيدا جدا بعملى كضابط نوبتجى القسم خاصة فى النوبتجيه المسائيه والليليه .. كنت امارس مهامى دون رقابه لصيقه من قياداتى واشعر بقدر ممتع من الاستقلاليه ..فنتائج جهودى تنسب لى مباشرة دون وسيط او شريك ..حفظت طبيعة هذا العمل عن ظهر قلب ...فوجئت فى احد الايام وكانت فى شهر ابريل سنة 1970 علىما اذكر ..بإستدعاء السيد العقيد صلاح الدين امين مأمور القسم لى بمكتبه ..وطلب منى الجلوس بالقرب من مكتبه بعد ان اخلى المكتب تماما ..ونبه على الشرطى المعين على مكتبه بعدم دخول احد لإنشغاله بأمر هام ...ارتبكت وحدثت نفس ....خير ؟؟؟وبعد ان انتهى من مكالمه تليفونيه التقت لى وقال ..مبروك ..وقع عليك الخيار وعينت معاون مباحث القسم ...فاشتد ارتباكى ..ولم انطق الا بكلمه واحده ...شكرا ..حدثنى عن طبيعة عملى الجديد ووجه لى بعض النصائح والارشادات ...وفى نهاية اللقاء قال لى ...من بكره حاتبدأ مرحله جديده فى حياتك الشرطيه واتمنى لك التوفيق ...انا واثق من حسن اختيارى ...خرخت من مكتبه ..وانا احدث نفسى ..انا اعمل فى نوبتجية القسم منذ اكثر من عام ونصف واعتدت على نوعية العمل مع الشاويش النوبتجى ..ومساعد النوبتجيه ...وشاويش الحجز وغرفة السلاح ..وتلقى بلاغات المواطنيين وعمل محاضر المشاجرات والمصادمات وبلاغات السرقه والنشل ...الخ ..كان كل العاملين بالقسم يقدرونى واشعر بتقديرهم واحترامهم ...ايه حكاية المباحث دى ؟...وهل سأحقق فيها ذاتى وطموحى ؟وما هى ضمانات النجاح ؟ وعند انتهاء نوبتجيتى عدت لمنزلى ..وظللت افكر واحدث نفسى واستقر رأى على انه ...لابد وان انجح فى هذا العمل الجديد حتى اثبت للسيد المأمور ولذاتى ..اننى قادر على النجاح فى اى عمل ... لم انم فى تلك الليله ..وفى الصباح توجهت للقسم مرتديا ملابس مدنيه ...قابلنى زملائى الضباط والصف ضباط والشرطه والعاملين المدنيين بالقسم مهنئين ..صافحنى كل مساعدى من الصف ضباط وكانوا جميعا فوق سن الخمسين ...الرقيب اول كمال منصور وكان رجل عسكري من الطراز الاول والرقيب احمد مصطفى فرحات الذى كنت كثيرا ما اعتمد عليه والرقيب عبد الرحيم عبد الفتاح وكان رحمه الله رجل هادىء ...كثيرا ما قدم لى النصح والارشاد فى كثير من المواقف وظل على صلة مستمره وطيبه بى حتى بعد خروجه على المعاش الى ان لقى ربه فى منتصف التسعينات ثم ظل نجله يزورنى حتى وقت قريب ...لازلت اذكر هؤلاء جميعا وغيرهم...فقد تعلمت منهم الكثير ...كانوا جميعا ينتمون الى جيل من الرجال المحترمين المحترفين المتمرسين الجاديين ..احترمتهم فوقرونى ...كنت استمع لهم بإنصات شديد ...كان لديهم الحنكه والخبره والتجربه ..كانوا يخافون وحريصون على كما لو كنت ابن لهم ...لم يبخلوا عنى بالنصيحه ابدا..استفدت منهم الكثير ... و منذ هذا اليوم بدأت فى رحله طويله وممتعه فى عالم وحقل المباحث الجنائيه والامن العام استمرت لسنوات وسنوات ...تخللها محطات ومحطات ...عالم ودنيا مليئه بكل ما هو مثير ومفيد ...وللحديث بقيه ... وكانت ايام ...