الأربعاء، 16 مايو 2018

طفل طما المًهاجر




كان آخر يوم لنا بالشمال - القاهرة – قبل ان تبدأ جولتنا بالجنوب
تحديدا الخميس 26فبراير 2015 الساعه الثانية و الربع ظهرا , وعلى قهوة بشارع قصر النيل – قهوة المصريين – امام مسرح السلام , جلست استريح بإنتظار الاصدقاء , القهوة قديمه يعود تاريخها للثمانينات يملكها صعيدى , وهي على الطراز الكلاسيكى القديم ولازالت تحافظ على رونقها رغم مرور الزمن .
أهوى هذا الشارع أمضي به الكثير من الوقت , جلست على طربيزة , ليست طربيزة بالمعنى .... 
فقط مربع صغير معدنى ترفعه سيقان من نفس المعدن , وكراسي خشبيه قديمه مكسرة . 
 
 
برفقه الاستاذه الكبيرة مى خالد الكاتبه وصديقتى سارة واميرة . نتبادل اطراف الحديث , واغيظهم بكتاب اهدتنى اياة الكاتبه .
جلست أتامل الشارع و المارة و انظر الي من بالقهوة وما يشربونه و الدخان يخيم على المكان من الداخل , ونتحدث عن الكتابه وامور من هنا وهناك ونضحك حتى  نشرنا الصخب في المكان , الا أن قطع ولد  .. سبع سنوات على أقصى تقدير حديثنا , له ابتسامه ساحرة ووجه جميل ملطخ بتراب الشارع وجلابيه صعيدى مبهدله يبتسم لى ويطلب منى ان اشترى منه مناديل .
إبتسمت له لجماله وبراءه وجهه للحظات اولا ,ثم  اعطيته ماء و نقود وبسكويت وحاول جاهدا ان يعطنى مناديل فرفضت معلله : بيعها عادى 
وتبادلنا الحديث معه أخبرنا انه من طما سوهاج والده يعمل في تلميع الاحذيه وهو لم يتعلم ولم يذهب الي مدرسه فقط هاجر مع اسرته من طما قصه ثأر كاغلبية المهاجرين للقاهرة بسوهاج الي مصر وله اخوة آخرين يعملون مثله ببيع المناديل وقد قابلت احده اخوتة وابيه فيما بعد .(بعد عودتى من شمال وجنوب )
كنت اعرف طما سمعت عنها من قبل ونزلت سوهاج بالطبع , هي مدينه فقيرة وتعتبر من المحافظات الطاردة للسكان , بأى حال يمتاز اهلها بالطيبه , لم أسئله عن اسمه ولا ادرى كيف فاتنى ذلك  فقط سألته ان كان يود الذهاب الي المدرسه ام لا ؟
فإبتسم بعيون لامعه : لا طبعا اروح ليه المدرسه ؟
أخبرته : كى تتعلم .
إبتسم وقد على الاحراج وجهه : لا موش ناوى اتعلم ... انا هشتغل واساعد ابويا واخوتى  لا انوى التعلم , لم يتعلم اخوتى انا اهوى العمل ومساعده أبى 
في هذا الوقت كان قد حضر بعض الاصدقاء واستعموا لطفل طما المهاجر  واستمتعوا ايضا بحديثه كان من ضمن الاصدقاء كيرولس وهو مصور طلبت منه ان يلتقط لنا الصور اولا 
فصورنا
و سأله  ان كان يريد ان يشرب شئيا ففرح جدا وطلب حاجه ساقعه .فطلبها له الصديق واشترى منه المناديل, بعد ان اخذه بعيدا كى لا نلمح ما يفعله من خير 
كنا قد هممنا بالرحيل فودعت طفل طما المهاجر قائله : حاول تروح المدرسة 
  رد بعد اهتمام وهو يرتشف الحاجه الساقعه : وهعمل ايه بالتعليم انا كده مبسوط , انا مسيبتش البلد علشان اجى مصر اتعلم تأملته قليلا ثم ودعته وتركته للحاجه الساقعه.وإبتسامة الرضا تعلو وجهه