الأحد، 14 أبريل 2019

من ذاكرة الجنرال لقاء مفاجئ

ابان عملى فى ادارة حماية الاداب وعصر احد الايام استدعانى السيد اللواء مدير الاداره وسلمنى بطاقة دعوه لحضور لقاء بمدرسة القديس يوسف للظهور للبنات بالعباسيه ..وقال لى ..انا كنت رايح بس للاسف جانى ظرف طارىء ...كان اللقاء فى السادسه والنصف مساء حيث وصلت ... وجدت مدرسه نظيفه.. مرتبه ..تقابلت مع مديرة المدرسه وهى راهبه صعيديه ..تتسم بالصرامه والجديه والانضباط ..تصورت اننى مدعو للقاء من نوع ما لبحث بعض شكاوى المدرسه ...الا اننى فوجئت ...انه لقاء مع اولياء امور الطالبات ...وان الضيف والمحاضر الرئيسى لهذا اللقاء هو.. العبد لله ...وكانت مفاجأه ...لقد تعودت على اللقاءات ..الا ان الموقف هنا مختلف ..واصطحبتنى ...الراهبه الى قاعة اللقاء ...ومسكت بالميكروفون وقدمتنى بصوره غاية فى الجديه والوقار وضجت القاعه بالتصفيق ...كان الحضور عباره عن جمع كبير من اولياء الامورسيدات ورجال ...وذكرت الراهبه مديرة المدرسه فى تقديمه لى...انها تعمدت الا يحضر هذا اللقاء الطالبات ...لحساسية الموضوع ثم اعطتنى الكلمه ...كنت قد تفحصت وجوه الضيوف المدعويين ..وتعرفت على اللواء يوسف مرقص وكنت قد عملت معه منذ اكثر من عشر سنوات سابقه فى مديرية امن الجيزه ...وكذلك اللواء وجدى تاوضروس عقداوى الذى كان صف ضابطى الاعلى عندما كنت طالب بكلية الشرطه منذ حوالى عشرون عاما سابقه ...فاستجمعت شجاعتى بالترحيب وتحية اللواء يوسف واللواء وجدى وكانت مجامله جميله وصادقه لاقت استحسانهما وكذا جمهور الحاضريين ...فى بداية كلمتى استنكرت قرار مديرة المدرسه بعدم حضور الطالبات وقلت لقد كان من الاولى ان يحضروا هذا اللقاء..وانزل الله سكينته ...فلم اكن معد لكلمه ولا خطة ولا غيره ...وارتجلت الكلمه ..قلت لهم إن ثقتنا فى اولادنا يجب ان تكون هى الاساس ...بناتنا اليوم هم امهات الغد ...وفيما بينهم يناقشوا كل شىء بحريه تامه ...وبيصلوا لحلول ونتائج ...لازم نشاركهم فيها .. لازم نثق فيهم ...دورنا بيقتصر على النصيحه ...والمراقبه عن بعد ..لازم ننصح اولادنا بنين وبنات بتجنب اصدقاء السوء ..والابتعاد عن الاماكن التى قد يكون مصدر شبهه ..قلت لهم علينا ان نحترس من محلات الكوفيرات واتيليهات الازياء ..وغيرها قلت لهم يجب الا نخاف ونترعب لو البنت عرفت ولد ...بس كل ده تحت اشراف ورقابة الام بصوره محترمه ..لان الولد صاحبها ممكن يكون ابن ناس وحايحافظ علىها زى اخوها او جارها او قريبها او زميلها... لازم نحترم مشاعر ولادنا وعواطفهم ...حتى لا يصبح الاب والام اخر من يعلم ..قلت لهم تصرفوا ببساطه وعيون وعقول وقلوب مفتوحه ..ويعد حوالى ساعة فتحت باب المناقشه و استمرت ما يقرب من ساعه اخرى ...وانتهى اللقاء بحمد الله على خير وجه ...عرفت فى هذا اليوم ان ضابط الشرطه يمتلك الكثير من الخبرات المتراكمه والمعرفه المفيده ...لو احسن استخدامها لاستفاد المجتمع ...وفى صباح اليوم التالى قابلت المدير ...واستقبلنى مبتسما ...قائلا ..على فكره ..انا عرفت تفصيلات اللقاء ...ارجو ان تكون قد استفدت من التجربه ؟

من ذاكرة الجنرال .. حكاية غريبة

حكايه غريبه ...تذكرتها اليوم ...لعبت الصدفه والحظ دور هام فيها ... لا تتكرر الا نادرا ...انها لعبة القدر..
فى نهاية السبعينات كنت اعمل مفتش مباحث فى ادارة البحث الجنائى بمديرية امن الجيزه ...واثناء توجهى للمديريه فى الفتره المسائيه فى احد الايام..مستقلا سيارة ملاكى بشارع النيل قادما من منزل كوبرى اكتوبر المتجه الى ميدان كوبرى الجلاء ...لاحظت سياره سوداء فاخره ماركة ...بى .ام .دبيو..تسير بجوارى ...يقودها شاب يرتدى ملابس فاخره ...استرعى نظرى ...وجدت نفسى احملق فيه ...وما ان التقت عينانا ...حتى وصلنى احساس اننى اعرف هذا الوجه ....خاصة بعد رمقت نظرة شك وفضول ...من قائد تلك السياره .. كان يسير على عجل..الا انه تصرف بطريق غريبه ...فقد تعمد الابطاء....كان الطريق مذدحما ...شاهدت بالقرب منى الرائد ابراهيم بكير ...رئيس مباحث قسم العجوزه فى ذلك الوقت ...حيث كان يقود سياره بوكس شرطه ومعه بعض الشرطه السريين ....ونتيجه البطىء المفاجى للسياره ال..بى ..ام ..دبيو ...اصطدمت بها سياره ملاكى..كانت ...تسير خلفها ...مما تسبب فى تهشم السياره الاماميه من الخلف وتطبيق الاصطدام وفتح الشنطه ...وكذا تهشم وتطبيق مقدمة السياره الخلفيه ....وحدث نوع من الهرج والمرج بالشارع وتعطل المرور ..ونزل قائدى السيارتين ..لاحظت ان الرائد ابراهيم ..ركن سيارته ...كان كل همى وتركيزى على قائد السياره الاماميه ...فركنت بسيارتى ...وانا اتطلبع الى وجهه هذا الشخص ...واخذت استرجع ...ذاكرتى التى كنت اعتز بها كثيرا ...وعند مشاهدتى له عن قرب ...تأكدت اننى اعرفه ....قابلت الرائد ابراهيم بكير وتصافحنا ...لاحظنا ان المشاحنه بين قائدى السيارتين لم تستغرق وقتا طويل ...وان قائد السياره الاماميه مصمم على سرعة الانصراف بالرغم من انه من الواضح جدا ان المخطىء ...هو قائد السياره الخلفيه ...الذى كان سعيدا ..بإعتذار الاخرله...بعد ان..دفع له مبلغا كبيرا لاصلاح سيارته .....كل هذا وانا والرائد ابراهم ...نتبادل النظرات بإستغراب وتعجب .. ..هنا وجدت الرائد ابراهيم ...يقترب منهما ...ويفصح عن شخصيته ويطلب منهما الرخص ...وقام بنقل السيارتين الى جانب الطريق لافساح المرور للسارات....كانت هذه فرصه للاقتراب من قائد السياره ...الذى اصبحت على يقين اننى اعرفه ...و عندما اقتربت منه...وجدته شاب فى منتصف الاربعينيات ...متوسط الطول قوى البنيه ابيض البشره ...شعره مصبوغ باللون الاسود ..الا اننى لاحظت ان على وجهه اثار لجروح قطعيه قديمه ..كان يرتدى ملابس فاخره ..وساعه وانسيال ذهب فى رقبته واخر فى يده ......حاولت ان اشترك فى حوار السائقين مع الرائد ابراهيم ...الا ان هذا الشخص ...كان يتجنبنى ...وان كان ينظر لى بريبه وتوتر ...وفجأه لمعت الذاكره وتذكرته ...انه... اللص عنتر همام ..كان من النشالين المعرفين ..بإمبابه . كنت اعرفه ابان عملى بمباحث قسم شرطة امبابه سنة 1970 اى قبل عشر سنوات سابقه تقريبا ...من لقائى فى هذا اليوم معه ...وظل يتجنب ويتحاشى الحديث معى ...الى ان فتح الرائد ابراهيم بكير باب شنطة السياره الخلفى الذى كان قد فتح قليلا نتيجة الاصطدام ..كان بها ثلاث حقائب جلديه ....تفوح منه ...رائحة الافيون .التى كانت تذكم الانوف ..كان الافيون ملفوف بورق السلوفان ...و كان كميه كبيره جدا... وتبين فيما بعد انه كان قد استلمها من مهربين ...اتراك ...قادمين من الخارج.....وهنا انهار عنتر همام وسقط على الارض..ويلطم وجهه .. ...وهو يصرخ وينادينى ....بصوت جهورى ...يا فهمى بك ...انا طفشت من امبابه ..من زمان ...وبطلت نشل زى ما قلتلى ...ورحت عشت فى بولاق ...انما نصيبى ...كده . .
الم اقل ان القدر والصدفه ...هما اللاعب الاساسى فى ضبط هذه الجريمه ...كيف سرت بسيارتى بجوار سيارته ...؟وكيف نظرت اليه ..وتلاقت عينانا ..؟ لماذا ارتبك ؟ ما الذى دفع الرائد ابراهيم بكير ...ان يسير بجوارى بسيارته ومعه مجموعه من الشرطه كان لهم فضل كبير فى السيطره على هذا الشقى المتمرس ؟ ..كيف نبرر حادث المصادمه الذى ادى الى ضبط المجرم ؟
لقد ظللت لسنوات طويله كلما اقابل اخى وزميلى اللواء ابراهيم بكير رحمه الله ...نتذكر هذا اليوم الموعود ....