السبت، 9 يوليو 2016

النوع الاجتماعى و الموزنة العامة للدولة

أن اعداد الموازنة العامة مع مراعاة البعد النوعي يتطلب وجود أسس عادلة لتخصيص الموارد , وبيئة بعيدة عن أية اجراءات تمييزية . كما يتطلب عدم اعتبار النساء فئة مستضعفة تعيش على ما تقدمه لها الحكومة من إعانات , بل لكونها صاحبة حق اصيل يـُلزم الحكومة بتمكينها وحمايتها .
وتقضي اتفاقية CEDAW )اتفاقية منع كافة اشكال التمييز ضد المرأة ) , بأن يكون تحصيل وانفاق الاموال العامة قائما على اساس عدم التمييز ومتسقاً مع حق المساواة بين المرأة والرجل كحق اساسي .
وهذا يعني أن المنظور النوعي للموازنة يجب أن يهتم في المقام الأول بالمزايا المباشرة المترتبة على الموازنات الحكومية والتي يمكن أن يحصل عليها ( أو يساهم فيها ) المرأة والرجل كأشخاص لهم حقوقهم .
ومن أمثلة تلك المزايا ميل المرأة للاستفادة ( بطريقة غير مباشرة) من الخدمات الصحية والتعليمية التي يستفيد منها الآباء والابناء والازواج . ولكن ذلك لا يسوَغ , بطبيعة الحال , أن يقل نصيب المرأة من الانفاق العام على الخدمات الصحية , التي تحصل عليها مباشرة , عن نصيب الرجل .
غير أن المساواة لا تعني بالضرورة تطابق المعاملة بين الرجل والمرأة , وانما تعترف CEDAW , على خلاف ذلك , بأن المعاملة غير المتطابقة ضرورية في ظل ظروف معينة , بسبب الاختلافات البايولوجية , والاختلافات التي تكرست اجتماعيا ً بين الرجل والمرأة ( الأتفاقية : التوصية العامة رقم 25 / فقرة 8 ) . واستنادا َ الى المادة 14 (ز) فان الأدوار الاجتماعية المختلفة المنوطة الآن بالرجل والمرأة تعني أنه لضمان التكافؤ في الحصول على الخدمات مثل الاسكان والمرافق الصحية والكهرباء والمياه والنقل والمواصلات , يجب تصميم الخدمات وتقديمها مع مراعاة اختلاف الاحتياجات بين الرجل والمرأة .
اتفاقية " سيداو " CEDAW
والتزامات الحكومات عند اعداد الموازنات العامة
تنص التوصية رقم 25 / الفقرة (6) من الأتفاقية / على ثلاثة التزامات رسمية للدولة يتعين أن تكون هي محور الجهود الرامية الى القضاء على التمييز ضد المرأة في الموازنة الحكومية , وتتوخى تلك الالتزامات ما يأتي :
• الا تنطوي القوانين والسياسات ذات الصلة على اي شكل من اشكال التمييز ( مباشر او غير مباشر ) ضد المرأة , وانما تكفل الحماية ضد التمييز .
• تحسين وضع المساواة الفعلية بالنسبة للمرأة ( المساواة الموضوعية ) .
• أن تعمل البرامج – التي تستفيد منها المرأة , ونظم الايرادات التي تساهم فيها – على تغيير العلاقات والانماط التي تحول دون تمتع المرأة بالمساواة في جوهرها .
• قيام الحكومة بالعمل على تأمين مشاركة المرأة كمواطن ايجابي فعال في اتخاذ القرارات المتعلقة بالميزانية , وتمكينها من مطالبة الحكومة بتفسير الطريقة التي يتم بها تحصيل الاموال العامة وانفاقها .
معايير اعداد الموازنة العامة النوعية
ان اهم هذه المعايير هي :
• تحديد اوجه انفاق موجهة خصيصاً الى المرأة أو الرجل في المجتمع .
• ضمان تكافؤ الفرص في الإنفاق الذي تقوم به الحكومة على موظفيها ( كالأنفاق على التدريب الخاص للفئات المحرومة من السكان ) .
• رصد تخصيصات للأنفاق على انشطة ذات طبيعة عامة تقوم بها الاجهزة الحكومية ( كمحو الأمية , والدعم المقدم للمزارعين ) .
• ضمان تمويل استراتيجية تنمية المرأة , والألتزام بذلك على المدى الطويل .
• أدراج نص في قانون الموازنة يفوّض جميع الاجهزة الحكومية تجنيب نسبة من مخصصاتها لـ " المشروعات المصممة لمعالجة قضايا المرأة " .
• يمكن ان تسمى هذه الميزانيات ( اي ميزانية الأجهزة الحكومية المشار اليها آنفا ) بــ " ميزانية المرأة والتنمية " , ويخصص كل جهاز حكومي 5% ( مثلا) من ميزانيته لهذا الغرض , لغرض الأنفاق على انشطة محددة ( تدريب , تمكين , إعانة للأمهات , رعاية صحية خاصة ) .
تصميم هذه النفقات بحيث تنطوي على :
• تمويل البرامج المساندة للمرأة ( رصد التخصيصات اللازمة للأنفاق على هذه البرامج ) .
• تخصيص الأموال تحت بند " المكون النسائي" بهدف الأنفاق على برامج تنمية المشاريع المتناهية الصغر من أجل الفقراء بشكل عام , على ان يخصص 30% منه للمرأة حصرا . كما يمكن رصد تخصيصات للأنفاق على برامج تعمل على تقديم المساعدات لبناء منازل للفقراء , وتعطى الاولوية فيه للأرامل , والنساء غير المتزوجات .
ورغم اهمية هذه البرامج في تحسين وضع المرأة في المدى القصير , الا انها ستبقى برامج تساهم في مساعدة المرأة على القيام بأدوارها التقليدية فقط , وليس برامج تسهم في بناء سياسات تعمل على تشجيع قيام المرأة بأدوار جديدة تساعد في تغيير الاوضاع القائمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق