الأربعاء، 2 ديسمبر 2015

من ذاكرة الجنرال " فور استلام عملى "

كان لم يمضى على استلام عملى كمعاون مباحث قسم امبابه 48 ساعة ..وعند دخولى باب القسم اتجهت بغريزتى وبحكم العشره ناحية النوبتجيه ..رحب بى الملازم شربن حسنى الذى كان قد حل محلى ...وجلست معه... فقد كان الدرس الاول الذى تعلمته من صلاح بك امين مأمور القسم ..ان اكون على صله مباشره ووثيقه بالنوبتجيه وكل العاملين بها ...فهى غرفة العمليات المركزيه التى لا تهدأ ولا تنام على مدار ال24 ساعه..وكل الاحداث والقضايا لابد وان تمر من خلالها ..اثناء وجودى بالنوبتجيه تلقى الملازم شرين بلاغ بمصادمه ومتوفى فتهيأ للانتقال لمكان الحادث..ونظرا لحداثه عهده بالخدمه وقلة خبرته فقد رأيت ان اصاحبه لمكان البلاغ ..بوصولنا لمكان الحادث وجدنا حثه لطفل مسجاه فى وسط شارع المنيره بامبابه وبمعاينتها وجدت لطفل لا يتجاوز العاشره من العمر يرتدى جلباب رأسه مهشمه تماما وخرج من جمجمته جزء كبير من مخه ...وبسؤال بعض الاهالى الذين كانوا مجتمعين حول الجثه .. قرروا ان السياره المتسببه فى الحادث قد هربت دون ان يراها احد ولم يلتقط اى بيانات عنها .....الا ان بعض الاهالى تعرفوا على الطفل وتبين انه من اهالى المنطقه ..واثناء وقوفنا حضرت اهليته ..انتظرت مع الضابط شرين لحين نقل الجثه الى مشرحة مستشفى امبابه المركزى ...عدنا للقسم وتولى الملازم شرين تحرير محضر بالاجراءات واخطرت النيابه ..كانت الساعة قد تجاوزت العاشره من صباح هذا اليوم وكان السيد المأمور قد وصل الى مكتبه ...صعدت الى مكتبى ..بعد عشرة دقائق استدعانى السيد المأمور ..وقال لى ..انا عرفت بحادث المصادمه وعرفت كذلك بأنك انتقلت مع الضابط النوبتجى ...وان هناك طفل قد مات ...وان السياره التى تسببت فى الحادث قد هربت بقائدها بعد ارتكاب الحادث ...مطلوب منك تحديد شخصية المتهم والسياره المتسببه فى الحادث ..اعتبر ده اول اختبار لك فى اعمال المباحث ...ارواح الناس واموالهم مسؤليتنا وده واجبنا الاساسى ...عدت الى مكتبى واستدعيت بعض الشرطه السريين واتكلت على الله ..عدت الى مكان الحادث وجلسنا على مقهى قريبه واخذنا نستفسر ونستقصى ونسأل اصحاب والعاملين فى المحلات وساكنى المنطقه ...لم يكن هناك بصيص امل ...غطينا مواقف السيارات والمترددن والغرياء ...قلت للشرطه السريين ...نحن مستمرين ولن نعود الا مجبورين الخاطر ...كانت الساعة قد تجاوزت العاشره ليلا ...ولازلت جالسا على المقهى والشرطه السريين بيجوبوا المنطقه دون كلل او ملل ...وفى الحادية عشر مساء شاهدت طالب الشرطه جمال الجوهرى الذى كان يقيم فى منطقه قريبه ...فحيانى وجلس معى و لما علم بالموضوع استأذننى فى عمل تحريات فى هذا الموضوع فأذنت له لانى اعرف تماما ان اهالى المنطقه قد يطمئنون له بإعتباره قريب منهم ...وانصرف وعاد بعد ساعتين بمعلومه تتضمن ان مرتكب هذا الحادث سياره نقل كبيره وانها تقف الان امام منزل قائدها على مسافة كيلو متر من مكان الحادث ..وان السياره قد غسلها قائدها بالماء ...على الفور تحفظت على السياره وارسلت اشاره الى المعمل الجنائى حيث حضر خبيرين فى صباح اليوم التالى اذكر ان احدهم كانت سيده متخصصه فى فحص الاتار الحيويه (البيلوجيه ) وذلك لفحص السياره ..اسفر فحص خبراء المعمل الجنائى علة العثور على اثار دماء وانسجه بشريه فى اجزاء من اطار الكاوتش .. قمت بضبط قائد السياره...وبمناقشته وتضيق الخناق عليه وبمواجهته اعترف بإرتكابه الحادث ...قمت بتحرير محضر بكل ما تم من اجراءات ..وكانت الساعه ...تشير الى الثانيه ظهر اليوم التالى دون نوم او راحه ...توجهت الى مكتي السيد المأمور ...واطلعته على محضر الاجراءات والضبط ..فنظر لى وهو يبتسم ابتسامه خفيفه جدا ...واشر على المحضر بعرضه على النيابه ولم ينطق بكلمه ...وكان اول درس تعلمته فى المباحث ...ان حماية ارواح المواطنيين واموالهم وضبط الجناه ...هى المسئولية الاولى لجهاز الشرطه.... سهى على ان اذكر ان طالب الشرطه جمال الجوهرى ..كان فى اجازة مذاكره ..وفضل معاونتى والسهر معى على استذكار دروسه ...قلت له وانا اشكره ...بعد الامتحانات لك عندى دعوة على فول وطعميه وحاجه ساقعه ..فابتسم وانصرف ....وكانت ايام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق