الأحد، 11 أكتوبر 2015

فرعون اليهود 2

هناك فرعون اضهد اليهود وآخر هو فرعون الخروج
من هم ؟ 
رأي الأول: فرعون الاضطهاد هو "تحتمس الثالث" وفرعون الخروج هو "أمينوفيس" (أمنحوتب الثاني):
تحتمس الثالث هو من ملوك الأسرة 18، ويُعرف في التاريخ بأنه عدو الساميين، فهو الذي أصدر قرارًا بقتل أطفال بني إسرائيل من الذكور، ويحدد المؤرخون مُلكِه بالفترة من 1490 - 1436 ق.م.، وقد خلفه أمينوفيس خلال الفترة من 1436-1413 ق.م. وصاحب هذا الرأي الأول هو دانييل روبس Daniel Rops في كتابه " شعب التوراة " Le Peuple de la Bible وقد اعتمد دانييل في فرضه هذا على أساس أن تحتمس الثالث كان شديد القومية. إذًا هو الذي اضطهد العبرانيين لأنهم من الساميين مثل الهكسوس الذين احتلوا مصر نحو مائة وخمسين عامًا. وقال بهذا تكون الملكة حتشبسوت هي التي التقطت موسى وربته في القصر(4) ويقول دانييل روبس " أن التوراة قد أشارت إلى فرعونين واحد اضطهد إسرائيل والآخر هو فرعون الخروج الأول إذًا هو تحتمس الثالث.. وتحت حكم ابنه أمنحوتب الثاني (أمينوفيس) قام موسى بإخراج إسرائيل بين عامي 1450 و1420 ق.م. تقريبًا"(5).
ومن الأدلة التي إعتمد عليها أصحاب هذا الرأي:
أ - أن هذا الرأي هو الأقرب لما جاء في سفر الملوك " وكان في السنة الأربع مئة والثمانين لخروج بني إسرائيل من مصر في السنة الرابعة لملك سليمان على إسرائيل في شهر زيو وهو الشهر الثاني. أنه بُني بيت الرب" (1 مل 6: 1) وحيث أن سليمان ملك 970 ق.م. إذًا السنة الرابعة من ملكه هي 967 أو 966 ق.م. وبإضافة 480 من وقت الخروج للسنة الرابعة لملك سليمان 967 + 480 = 1447 ق.م. تقريبًا وقال البعض أن هذا التاريخ قد يمثل نهاية حكم تحتمس الثالث وبداية حكم أمينوفيس.
ب - عندما ارتقى تحتمس الثالث العرش كان أميرًا صغيرًا فشاركته الحكم حتشبسوت ابنة تحتمس الأول (1525 - 1495 ق. م.) فقالوا أنها هي التي ربت موسى، وأيد م. ف. يونجر M.F. Unger هذا الرأي، كما يقول " جون جار ستانج".. " إنه قد كُشِف في مقابر أريحا الملكية ما يشير إلى أن موسى قد انتشلته من الماء الأميرة المصرية "حتشبسوت" عام 1527 ق.م. على وجه التحقيق. وإنه تربى في بلاطها بين حاشيتها. ثم فرَّ من مصر حيث جلس على العرش المصري تحوتمس الثالث"(6).
جـ- وُجد في تل العمارنة رسائل مرسلة من بعض الحكام المصريين الذين في أرض كنعان يشكون فيها من استيلاء العبيرو (العبرانيين) على حصون الملك ويرجع تاريخها إلى عصر أخناتون (أمنحتب الرابع) (1383 - 1366 ق. م.) وهذا يقابل تقريبًا عصر يشوع بن نون واستيلائه على أرض كنعان.
د - ذكر مانيتو Manetho (القرن الثالث ق. م.) أن الملك أمينوفيس الثاني قد طرد الإسرائيليين إرضاءً للآلهة إذ أراد تطهير البلاد من البُرَّص وجميع النجسين، وجاء في دائرة المعارف الكتابية".. هذه المعلومات التاريخية تبرر القول بأن الخروج حدث في زمن الأسرة الثامنة عشرة، وهو شيء محتمل في ذاته، حيث أن حكام هذه الأسرة المقتدرين قد ساروا على خطة جديدة في تعاملهم مع هذه المنطقة. وبذلك يكون الذي فرض السخرة على إسرائيل هو تحتمس الثالث (حسب رأي ماير، من سنة 1501 - 1447 ق. م.) وأن الخروج قد حدث في عهد خلفه أمينوفيس الثاني ويتفق مع هذا ما سجله مانيثون المؤرخ من أن "البُرَّص" (ويقصد بهم الإسرائيليين) قد طردهم الملك أمينوفيس"(7).
هـ- تم اكتشاف لوحة حائطية يظهر فيها بعض العبيد الذين يصنعون الطوب من طمي النيل ويخلطونه بالتبن، وكُتب على اللوحة "العصا في يدي لا تكن متكاسلًا" كما عثر في معبد الأقصر على لوح صخري سجل عليه "مرنبتاح" ابن رمسيس الثاني أنه قد صد الغزاة، وإنه ضرب شعب إسرائيل، مما يؤكد أن بني إسرائيل كانوا موجودين في أرض كنعان قبل عصر مرنبتاح بزمن طويل.
ويرى زينون كوسيدوفسكي أنه بالرغم من أن غالبية العلماء يُرجحون أن الخروج تم في منتصف القرن الثالث عشر قبل الميلاد، غير أن الاكتشافات الأثرية أكدت أن أريحا سقطت في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، فيقول " قد أثبتت البعثة البريطانية أن أريحا دُمرت فعلًا. لكن اللوحات والأنقاض تدل على أن ذلك الدمار حصل في القرن الرابع عشر ق.م. وليس في القرن الثالث عشر ق.م"(8).
و - يقول جوش مكدويل "اعتمد التاريخ المصري القديم على تاريخ الملوك، ولكن " كورفيل " أوضح أن قائمة ملوك مصر لا يجب النظر إليها كعمل مكتمل. فهو يعتقد أن بعض الملوك المذكورين في القائمة لم يكونوا بالفعل فراعنة، لكنهم كانوا موظفين من الطبقة العليا.. وبتفعيل هذا النظام الجديد يكون تاريخ الخروج حوالي 1450 ق.م. وهذا يجعل التواريخ الإسرائيلية الأخرى تتناسب مع الملوك المصريين. هذا الدليل ليس نهائيًا، لكن لم يعد هناك أية أسباب تدعو إلى المطالبة بوقت متأخر لحادث الخروج"(9)(10).
وهناك اعتراضان على هذا الرأي تم الرد عليهما:
أ - قاد تحتمس الثالث 63 حملة حربية، وخضعت كنعان لمصر خلال عصر الأسرة الثامنة عشر (التحامسة) والأسرة التاسعة عشر (الرعامسة) فلو غزا يشوع أرض كنعان لتدخلت مصر. ويقول ليوتاكسيل عن الخروج " وهو الحدث الذي ينسبه اللاهوتيين إلى بداية القرن الخامس عشر قبل الميلاد، فيجب أن يكون قد حدث في عهد الفرعون تحوتمس الثالث أو أمنحوتيب الثالث. ولكن تاريخ حكم هذين الفرعونين لا يتوافق مع رؤية سفر الخروج. فقد أخضع هذان الملكان الجباران لسلطتهما كلا من: أثيوبيا، شبه جزيرة العرب، بلاد الرافدين، كنعان، نينوى، وجزيرة قبرص. كما كان الفينيقيون والأرمن من أتباعهم"(11).
وتم الرد على هذا الاعتراض بأن سلطان بني إسرائيل إمتد على الجزء الداخلي من أرض كنعان، أما ساحل البحر فقد كان خاضعًا من جهة الجنوب لعشائر الفلسطينيين القومية، وكذلك الشمال حيث مملكة صور وصيدا، ولم يقترب يشوع بن نون من ساحل البحر.
ب - ترجع مدينة رعمسيس التي بناها بنو إسرائيل إلى عصر رمسيس الثاني (1304 - 1227 ق. م.) وهذا يعني أن الخروج لم يتم قبل هذا العصر.
وتم الرد على هذا الاعتراض بأنه من الممكن أن تكون مدينة رعمسيس بُنيت في عصر سابق، وتجددت في عصر رمسيس الثاني فنُسبت إليه، وهذا أمر متعارف عليه في الحضارة المصرية القديمة.

4) راجع د. موريس بوكاي - القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم ص 259.
(5) قليني نجيب - فرعون موسى ص 25.
(6) أورده أ.د محمد مهران - مصر والشرق الأدنى القديم جـ 3 ص 457.
(7) دائرة المعارف الكتابية جـ 1 ص 231 - 232.
(8) الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 124.
(9) Geisler, BECA , 51.
(10) برهان يتطلب قرارًا ص 347.
(11) ترجمة د. حسان ميخائيل إسحاق - التوراة كتاب مقدس أم جمع من الأساطير ص 166، 167.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق