الأربعاء، 10 مايو 2017

نسر الصحراء الجزء الاول

من ذاكرة الجنرا ل
بطل قصة اليوم رجل بسيط ... عرباوى ...لم اكن من المفروض ان اعرفه او إقابله ..فهو لم يقابل فى حياته اى من ضباط الشرطه ...فهو شبح خفى مجهول ...لا يعرف فى حياته ولم يعيش الا فى الصحراء ....سمعت عنه كما سمع عنه غيرى من ضباط الشرطه الذين عملوا فى مراكز شرق النيل الثلاث ( ابنوب ...الساحل ...والبدارى ..)...بمديرية امن اسيوط...عاش طفولته وصباه وشبابه ...يجوب الصحراء ممتطيا لجمل (هجن ) كما يطلق عليه وكما تعلمنا ...سفينة الصحراء ...كنت اتصور ان هذا التعبير والتسميه مبالغا فى دلالتها ...حتى حكى لى هذا النسر ..انه يعرف دروب مصر الصحراويه ......جابها ...جميعها ...من السلوم حتى العريش ...ومن الساحل الشمالى حتى حدود مصر مع السودان ...بالصحراء المصريه ...شرقها وغربها ...حدثنى عن عشقه بالصحراء التى قضى عمره يجوبها ...
عندما نقلت للعمل رئيسا لوحدة مباحث ساحل سليم ...فى صيف سنة 1973 حكى لى عنه زميلى الملازم اول محمود عبد الرشيد وكان محمود من انشط الضباط وأذكاهم ..قال عنه ..انه رجل لا يحب الظهور ..لكن جميع قبائل عرب مطير الذين ينتشرون على طول الهضبه والكسبان الرمليه بدءا من محافظة الشرقيه حتى اسوان مرورا بالجيزه وبنى سويف والمنيا واسيوط وسوهاج وقنا ...يحترمون كلمته ويعد من المرجعيات الهامه والمؤثره بينهم ...وان جميع المصالحات بين عائلاتهم لا بد ان تمر من خلاله ...الا انه لم يقابله او يراه ...واصبح الحاج محمد العرمان ...مجرد اسم لشخص لم يراه احد ...وخاصة من ضباط الشرطه.
فى الشهور الاولى من عام 1974 ...كنت قد تأقلمت على اجواء الصعيد ...ومن خلال الانتقال وضبط المتهمين فى جرائم الثأر ...التى تكثر فى صعيد الوادى ...خاصه فى مناطق شرق النيل ...كان اسمى قد بدء يتردد بين اهالى المنطقه ...حتى اننى وضعت دستور ببعض قواعد التعامل مع المواطنين ومن ضمنهم الاشقياء والفارين من العداله ...اشعت بين الجميع ...اننى لن اطلق النار على اى احد الا اذا اطلق علي أوعلى القوات النار ...فلن اكون البادىء ابدا ...كنت اعتمد على لياقتى ولياقة معاونى من الضباط والشرطه السريين والجنود...فى تعقب الاشقياء وضبطهم ...من يقع فهذا قدره ومن ينجح فى الهرب فهذا ايضا قدره وقدرنا ...ولكل يوم شمس كما يقولون ...لانه لابد وان يقع لاحقا مهما طال الزمن...اما اطلاق النار بمجرد مشاهدة مجرم هارب ...فلم اكن افضله ابدا ...لانه قد يتسبب فى اصابة ابرياء ...
استمرت الامور على تلك الوتيره ...حتى جائنى يوما الضابط محمود ...ومعه شاب صغير ...نظيف الملبس حسن الطلعه ..عرفنى به ...كان اسمه فرحان العرمان (ابن الحاج محمد العرمان ) بطل حكايتنا اليوم ...رحبت به ..كان بعينه لمعة ذكاء حاده ...لم يقل سوى أن الحاج بيسلم على حضراتكم ...ثم انصرف ... ولم اعلق ...
بعد شهر عاد الابن فرحان ...قابلنى ...وابلغنى رساله من الحاج ...مضمونها انه يرحب بلقائى بمنزله بمنطقة عرب المطمر ...وعدته ببحث وتلبية الدعوه إن امكن ...وانصرف ...قمت بعرض الامر على العقيد مصطفى عوض مأمور المركز ...وكان رجل عاقل وكيس عمل كثيرا فى مجال البحث الجنائى ..الا انه نصحنى بعرض تلك الدعوه على رئيس ومدير المباحث بالمديريه ...اللذين رحبا بعد دراسة الاستفاده الامنيه من تلك الزياره ...خاصة وان هذا الرجل لم يقابله اى ضابط شرطه منذ عشرات السنيين ...
تحدد ميعاد الزياره بعد ايفاد المخبر احمد الباقورى ...وكان هذا الرجل رحمه الله من اخلص من عملوا معى بمركز ساحل سليم ..كان يحبنى ويخشى على كما لو كنت ابنا له ...وكثيرا ما استمعت له بإنصات شديد ..واخذ بنصائحه ..وفى الساعه المحدده توجهت ومعى الضابط محمود..والمخبر احمد الباجورى ...سارت السياره بالمناطق الجبليه والصحراويه ..وبإرشاد احد رجاله الذى ركب معنا وصلنا الى اكواخ قرية العرب ..كنا وقت الغروب ...وطوال الطريق كنت ارقب ..من بعد ..نقاط الحراسه من الافراد العرب...فهؤلاء ...يخافون بطبيعتهم ...ولا يثقون فى اى احد ابدا بنسبة 100% اى كان ...
وصلنا الى منزل ...الحاج محمد العرمان ...الذى استقبلنى بالاحضان ...مكررا ...عبارة ...اهلا ابو السعود ...اهلا ابو السعود ...كان مظهره مفاجئة لى ...رجل قصير ..صغير الحجم ..له عيون ضاحكة غريبه ..ليس لها لون محدد...حافى القدمين ...ذقنه غير حليقة ....يرتدى جلباب بسيط ...الا ان حرارة استقباله ...كان لها اطيب الاثر ......ممكن استأذنكم لباكر ....انشاء الله

هناك تعليقان (2):

  1. ابو السعود باشا معك محمد حفيد الحج محمد العرمان اقسم بالله كان جدي محمد العرمان دائما يذكر اسمك لينا وهذا شرف لينا أن حضرتك تتذكره حتي الان

    ردحذف
  2. تحياتي للناشر وواجمل التحايا لصاحب الفضل في النشر الباشا سعود اللهم بواسع فضلك تغمدهم برحمتك ابراهيم ابن الحاج محمد العرمان..كل ماقيل فهو صحيح

    ردحذف