السبت، 18 مارس 2017

من ذاكرة الجنرال .. أحمد الشقى

خلال الايام الاولى من شهر يناير سنة 1974 ..كان احد الاشقياء الخطريين قد ذاد من نفوذه وسطوته ..حتى اصبح القبض عليه ..مطلب امنى ملح ..كان اسمه ...احمد ...كان فى الخمسين من عمره ...الا انه كان ذوو باس شديد ..يظهر ليلا ويختفى نهارا ...لم اكن رأيته من قبل الا ان الضابط محمود كان يعرفه جيدا لسابقة عمله قبلى بعامين ...عقدنا العزم ...على القبض عليه ...اثناء صعوده للجبل صباحا حيث كان يختبىء نهارا ...كانت ليلة عيد الاضحى المبارك ..وفى ليله العيد ..اعددنا خطه محكمه لضبطه ...بإصطياده عند صعوده الجبل بعد الفجر وقبل سطوع الشمس ...اعددنا القوات ...وزعنا المهام والادوار ...ونبهت بالتزام الحيطه والحذر وعدم التحرك فى حالة حدوث اشتباكات ....توليت ومعى الضابط محمود وقوه من الشرطه السريين والجنود وصديق عزيز من اهالى المنطقه ...شوقى ..كان يعرف المنطقه عن ظهر قلب .وكنت اثق فيه ثقة كبيره ...الكمين القبلى ..وهو المكان الذى يحتمل ان يجتازه اولا الشقى الخطر احمد...فى تلك الليله ...قمت بتوزيع قواتى على افضل مواقع ...فالاشتباك واطلاق الرصاص كان هو الاحتمال الغالب فى تلك الليله كذا تم عمل اكمنه مماثله من الضباط والجنود فى اماكن اخرى ...كانت ليله شديدة البروده حالكة الظلام ..كنت ارتدى بيجامه اسفل ملابسى وبالطو صوف فوقها ..وكذا طاقيه صوف وكوفيه...ورغم هذا كنت اشعر بجسمى يكاد يتجمد من لسعات البرد القارص ...فأسفل الجبل له حسابات مختلفه وقاسيه بالنسبه للطقس البارد فى اسيوط ...مرت ساعات طويله منذ اتخذنا مواقعنا فى العاشرة مساء تقريبا .. حتى الفجر ...ممنوعين من الكلام والحركه حتى لا يرانا او يشعر بنا احدا ...كنت اعلم ان الغلبه تكون فى الغالب لمن يبدأ بإطلاق النار ...واعلم كذلك اننى امام خصم شرس يحارب على ارضه ...ويعرف دروبها افضل منى .....وبعد اذان الفجر بحوالى نصف ساعه ...سمعت صوت عيار تارى بالقرب من الكمين اخر كان به النقيب عبد الله هلال والملازم اول عادل رسلان ..فصمتنا جميعا فقد كانت التعليمات المسبقه الا يتحرك احد من موقعه ايا كانت الظروف ..حتى لا يصيب بعضنا فى الظلام ...كان يرقد بجوارى الشرطى السرى احمد الباقورى ..همس بصوت خفيض ..ده عيار من بندقيه المانى (ومن المعروف انه ليس من تسليح الشرطه ) الا انه استكمل همسه بأن العيار طاش ..اى انه لم يصب احد ...إستنتجنا على الفور ان الشقى احمد هو من بادر اولا بإطلاق النار على كمين الشرطه..وانه هرب ....ملحوظه :خلال عملى بالصعيد اكتسبت خبرة تحديد نوع العيار طبنجه ..روسى ..المانى ..لى انفيلد..الخ ...وعما اذا كان قد اصاب الهدف ام طائش ...من مجرد سماع صوته ... ...بعد برهه سمعنا صوت ذغروده ...مما تعنى ان الشقى تمكن من الهرب وان اهل بيته يعبرون عن سعادتهم ...التزما بالتعليمات حتى الشروق ...عدونا الى الكمين الذى اطلق عليه النار وتقابلنا مع الضابطين عبدالله ورسلان ..اطمئننا على القوات ..تبن ان احد افراد القوه قد فاجأته نوبة سعال مما تسبب فى كشف الكمين ...هرب الشقى احمد بسلاحه ...عدنا للمركز ...تقابلت مع العقيد مصطفى عوض رحمه الله ...قابلنى بإبتسامته المعهوده ووجهه البشوش ...كان اول ما قاله ..الحمد لله انكم عدتم بسلامة الله ...واستكمل ...اجلس مع نفسك وتدارس كل ما حدث ...واستخلص الاخطاء والدروس المستفاده ..حتى لا تتكرر مرة اخرى ...ابدأ من الان فى دراسة واعداد خطه جديده...وقد كان ...وبعد مضى اكثر من سنه كامله ..نقل خلالها الزميل العزيز محمود عبد الرشيد ...واثناء سيرى ومعى النقيب مصطفى سعيده واربعة من الشرطه السريين بسياره الدوريه المجمعه وبالقرب من قرية تاسا التى تبعد عن بلدة الشقى الهارب احمد ...وفى ملف الطريق شاهدنا شخصين على مسافه لا تذيد عن 100 متر ..يحملان بندقيتان ...وما ان شاهدنا حتى لاذا بالفرار ..من سوء حظهما كانت الحقول خاليه من الزراعات العاليه ..كنت انا والنقيب مصطفى ورائهما ومعنا المخبرين الاربعه..وفى دقائق حاصرناهما ...تبين انهما الشقى احمد واحد معاونيه ..لم نعطيهما فرصة للاشتباك او اطلاق النار علينا ..فى دقائق قليله تم السيطره اولا على معاونه وسلاحه ...الا ان الشقى احمد قاوم مقاومة شديده الا انه استسلم فى النهايه ...وانتهت اسطورته الى الابد ..................................ورب صدفه خير من الف ميعاد ...وكات ايام .....انتهت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق