الأربعاء، 13 مايو 2015

كافيه جاردن سيتي

ممكن اقعد معاك ؟؟ 
 قالتها بشئ من الذوق و اللطف سيدة مسنة قد أنهكها المشي وهي تستند الى الكرسي , فقمت من مجلس مسرعه لأساعدها للجلوس وقلت لها مبتسمه  : إتفضلي طبعا 
وبعدما جلست اخذت نفسا وشكرتني مبتسمه كانت إبتسامتها إبتسامه ملوك  .
وناديت للجرسون ليأتى من أجلها فقد كنت طلبت مسبقا مشروبي المفضل الذى أعتدت أن شربة بهذا الكافيه المميز .
أتى الجرسون بعد فترة وطلبت السيده ينسون ساخن وجهت حديثها لى كأنها تحاول ان تفتح حوار معى : الينسون مفيد جداً يهدأ الاعصاب ويريح المعده ..يااااه .. أنا منهكه للغايه .
كنت أُقلب بصفحات بعض الاوراق لانهيها فكان لدى الكثير لأقوم به بهدوء ولكنى لم أحرجها رددت  اليها مبتسمه : ربنا يديكي الصحه يا فندم .
ويسود بيننا صمت لدقائق ومن ثم تعاودالحديث : لا أقصد الفضول ولكن لم نتعرف وانا احب الناس , أنا هدى هانم والدي وزجي عملا كطيارين للملك فاروق وقضيت عمرى كله خارج مصر بإنجلترا ولم أنجب ورغم ذلك عشت أيام سعيده مع زوجي رحمه الله علية و والدي أيضا رحمه الله علية ,أنا عدت فقط لأدفن بمصر رغم إنى لم أعش بها كثيراً و ....
يقاطعها الجرسون حيث يحضر مشروبهاقائلا ً : إتفضلى يا هانم .
وترد السيد مبتسمه له نفس إبتسامهالملوك ...... 
وتنظر إلى قائله : لا أود أن أعطلك عن شئ سأشرب مشروبى بهدوء لن أزعجك أعتذر منك إبنتي 
أُغلق ما بيدى بسرعه و أضعه بحقيبه أعمالى : لا لم تزعجنى على الاطلاق لقد تكهنت منذ البدايه إنك من أسرة ملوك,رحمها لله على الجميع هدى هانم .
وترشف رشفه من كوب مشروبها وتقول مغمغه: لماذ تكهنتي ذلك أيبدوا على ؟! 
إبتسامتك سيدتى إبتسامه ملوك 
تبتسم لى السيده المسنة وتضع كوبها على المنضده أمامها قائلة : كم تمنيت أن تكون لى إبنة جميله ذكيه مثلك تسعدني فى مثل هذه الايام الموحوشه .
إعتبريني كإبنتك سيدتى لا تنزعجى فكلنا غرباء بالدنيا, ولا يوجد من لا يعيش وحيداً  
تكمل السيده : ولكنى أشعر بالغربه بمصرأصبحت غريبه كثيراً عن أيام الملك , حتى هذا الكافيه لم يكن موجود , هذا الشارع  كان به قصر على ما أتذكر .
لازال القصر الموجود فعلا ولكنه تحول لمبنى حكومى .
يااااه حقيقى لقد عاش به ملوك والآن يعبث بة  موظفون كسالى ..... وهنا بدا إنزعاجها واضح , وبدأت ترشتف بعصبيه وماذا أيضا كان هناك سينما او مسرح علي ما أعتقد قريب من القصر ألازل موجود ؟!
يوجد مسرح أما سينما لا أدرى .... 
لم تتغيرت ملامح البلد كثيراً لولا عبثا المصريين الدائم بمقتنيات الغير , بإنجلترا يحافظون على شوارع البلاد  القديمة كأثر وتاريخ للأجيال , ليس كما يحدث هنا ... 
أرد : إنجلترا بلد عريق وشعب راقى أحترمه كثيرا وأحبه .
تكمل السيده : وإذا عاشرتيه تحبيه أكثر , أناس يعرفونالنظام .
أبتسم .. ألا يوجد شئ تحبيه بمصر .
أخذت نفس عميق من الهواء المنعش المنتشر بالمكان قائله : هذا الهواء به شئ غريب يجذبنى لهذه البلاد دائماً .
ورن هاتفى رنتى المفضله لكوكب الشرق فرددت مسرعه لغيت موعدى لأقضي بعض الوقت مع هذه السيده المسنة .
وبعدما أنهيت مكالمتى : لم يكن هناك حاجه لأن تلغى موعدك 
قررت أن أقضي معكي بعض الوقت .
يالكى من فتاه مهذبة وقورة تختلفي عن المصريين الذين أعرفهم , ولكن حديثينى ألازال هناك بجيلك من يستمع للست .
أضحك قائله : أنا .
أنتى جميله , سأقص لكى قصتى مع أمكلثوم ...
أقاطعها بلهفه :أرأيتى أم كلثوم ؟؟!!
تضحك ضحكة الملوك التى تميزها قائلة : بالطبع أعرفها 
إذن حديثينى عنها .
تنهي ما تبقي في كوبها تضعه جانباً وتسرح بعينيها شارده بعيده وتتحدث قائله : لقد كنت صغيرة جداً أربع سنوات وكان والدى يصطحبنى لحفلات أم كلثوم وكنت استمع إليها بالراديو منذ صغرى أنا إتربيت على صوتها , وعندما بدأت أكبر قليلاً بدأت أحضر حفلاتها مع أصدقائي .
أقاطعها : ألم تقابليها وجهها لوجه من قبل ؟
بالطبع قابلتها , كنت بالرابعه عشر من عمرى عندما رأيتها وجهها لوجه بفرح الاميرة فوزيه , فقد اصطحبنى والدى بعد إصرار منى للقصر لرؤيتها وقد كان . 
بفضول : إنتي حضرتي فرح الأميرة فوزية ؟؟؟!!
الأميرة فوزيه كانت صغيرة بالسن وقت زواجها وكانت قريبه من الناس ونعتبر كنا أصدقاء , كانت تتمتع بالتواضع  رحمه الله عليها , أعطتني الاميرة فوزيه هديه بحياتها لازالت عندى للآن , وبعد وفاتها حصلت على بعض مقتنايتها كذكرى .
أنا : و أم كلثوم ؟؟؟ 
أم كلثوم بعد لقائى بها بفرح الاميرة فوزية عرفنى والدى عليها ودعتني لحفلتها القادمة وذهبت اليها قبل موعد الحفل ودخلت غرفه ملابسها وتبادلنا أطراف الحديث كانت الست فعلاً .
تفتح السيده حقيبتها و كأنها تبحث عن شئ بداخلها وتغمغم بينها وبين نفسها : أين الموبيل أنسيته كعادتى ؟؟و بعد بحث ... اه وجدتة أخيراً .
وتعطيني أياه إبحثى بالصور ستري صورى مع الاميرة فوزيه بفرحها و زوجي و الملك و أبى و معشوقتك أم كلثوم .
وبالفعل أخذت تليفونها بدأنا نشاهد الصور أذهلتني جدا السيده هدى كانت تبدوا كملكه بشبابها . وبدات تقص لي حكايه كل صورة أين ألتقطتها ومع من وأسماء وملوك وطيارين إنجليز أصدقاء لوالدها وزوجها,وعيونها تزداد لامعاناً .
صمت طويلاً  لم يكن لدى ما أقولة فقط إبتسمت لها , فدعتني لزيارتها ببيتها لأرى بنفسي مقتنيات بيتها من الاسرة المالكة و ملوك إنجلترا أيضاً.
ووعدتها بزيارة وسألتها مع من تعيشين الآن ؟
كما قلت لكى مسبقً يا بنيتي التى لم أعرف إسمك للآن ,أنا وحيده ولكن لى صديقه مريضه أزورها دائما هي لا تستطيع زيارتى ,إنها صديقتى الوحيده بمصر 
أبتسم قائله : إسمى عليا ...
تبتسم : سعدت بلقائك عليا .
ويقاطع حديثينا رجل يأتى مسرعاً علينا قائلاً: أين أنتى هدى هانم لقد بحثت عنك بكل مكان بالكافيه ؟؟
أهلا دكتور مجدي كنت هنا قعدت مع بنتي عليا نتبادل أطراف الحديث قليلا فتاه جميله , سلمي يا عليا على الدكتور مجدي طبيبى وصديق  قديم لأسرتى عاد هو الآخر من إنجلترا قريبا .
يجلس الطبيب قائلاً وقد أنهكه البحث :فعلا يا عليا قررت أموت هنا فى مصر .
ََأضحك  قائلة : يبدوا أن الموت بمصر حتمي يا دكتور مجدي ؟؟
لازالتى صغيرة بالطبع نحن نعيش كمانريد  ولكن نموت بمكان واحد فقط مصر  ويستنشق هو الآخر هواء المكان العليل .
دكتور مجدى : لكنى لم أتعرف عليكى من أنتي يا عليا, وكيف عرفتى هدى هانم ؟
تضحك السيده المسنة لازالت كثيرالاسئله يا دكتور .
يضحك هو الآخر وأضحك أنا أيضاً قائلة :عرفت هدى هانم الآن وأنا كنت بطريق عملى أعتدت تناول قهوتى بالصباح بهذه الكافيه أمر به من وقت لآخر أستنشق هوائه العليل يريحينى المكان كثيراً , يقاطعنا الجرسون وقد كنت طلبتة مسبقاً .
تشرب إيه يا دكتور مجدي ؟
ما أتناوله ليس هنا وبالغالب لن أشرب شئ شكراً لذوقك . ويأمر الجرسون بالإنصراف فينصرف .
وينظر الى لأكمل حديثى فأكمل قائله :انا من الصعيد أصلاً و أعمل بالقاهرة .
الدكتور مجدى : أحب الصعيد كثيراً إبنى بالتبنى من الصعيد هو حالياً بإنجلترا درس هناك وتزوج وأستقر بحياته ويهاتفنى من وقت لآخر , إنه ولد مهذب ربيته منذ كان بالسادسه من عمرة أفتخر به كثيراً , يعمل محاسب بأحد البنوك .
أبتسم له و اشكره على صنيعه فكم هو لطيف ان تتبنى طفلاً , ويستغرب قليلاً كون اهلى بالصعيد تركونى أعمل بالقاهرة ,لأخبرة أيضاً إنى إبنة أحدهم بالتبنى أيضا وأرسلتني عائلتى للعمل و أزورهم من وقت للآخر .
ويبدأ بالحديث مع هدى هانم يبدوا ان كان بينمها موعد ,  وهنا قررت الإنصراف مع وعد بلقائهما مرة آخرى بهذا المكان .
وترددت على المكان كثيراً لوقت طويل لم أقابل أياً منهم , ولكن بعد عام قابلت هدى هانم بنفس الكافيه وقد كبرت قليلاً وبدت منهكة أكثر من ذى قبل و كأن الحياة ترهقها , لم تتذكرنى ولم أحاول ان اذكرها بنفسى.
كانت تجلس بمفردها ترتشف اليانسون فستأذنتها بالجلوس بهدوء معها وواافقت بلطف .
وبدأت تحدثني عن صديقتها الوحيده التى كانت مريضه و توفت وصديقها الدكتور مجدي الذى توفى هو أيضا وعن ذكرياتها التى لا تنتهى ... إلى ان حضر سائقها يصطحبها للبيت ومشت وتركتنى .... وجلست بمفردى أفكر  ......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق