مصر ... الثقافه و الدين
من الشمال الى الجنوب
لا تقلتوا على مصر فهى أرض الاديان
خلال رحلتى الاخيرة من شمال مصر لجنوبها أدركت تماما معنى اننا شعب متدين بطبعه , و المقصود بالتدين ليس فقط الاديان السماويه الموجوده بل تمتد لتشمل معنى اوسع و أكبر من ذلك وهو كل الديانات والالهه التى ظهرت و التى اوجدها ابأئنا واجدادنا على مر تاريخنا العظيم المشرف .
فالمصريون القدماء اول من اوجدوا فكرة وجوده اله خالق واول من ابتدعوا الديانات , ولم يحدثنا أي تاريخ بأى عالم او دوله عن ان شعب آخر غير المصريين لجأ للتدين ....شعب متدين بطبعه .وهذا يطرح السؤال الآتى :
إذا فلماذا لجأ المصريون القدماء الي إختلاق ألهه ؟
أوجد الحكام المصريين فكرة الديانات وأوجد الهه لضمان ولاء العامه و الحفاظ على الملك .... حيث نجد ان الحاكم هو الهه واسرته من بعده ... ومع ذلك لم يستغلوا نفوذهم الدينى للإضرار بالعامه ...بل نشروا التدين بين العامة
والدليل على ذلك عندما زاد نفوذ الكهنه قامت اول ثورة دينيه بالتاريخ قام بها إخناتون , وهي ثورة التوحيد الاولى التى نادى فيها بتوحيد الالهه , لوقف نفوذ الكهنه .
وهذا السؤال يثير فضولنا حول لماذا لم نرى بيوت للفراعنه ووجدنا المقابر فقط ؟
لقد عرف القدماء المصريين وادركوا ان الحياة الدنيا زائله ومن هنا تأهبوا لتششيد المقابر و المعابد لأرواحهم .... شعب متدين بطبعه ...
فالتدين صفه لازمت المصري منذ الأزل .
إذا فلماذ المقابر بالغرب دائما ؟
نجد أيضاً ان المصري القديم اعتقد ان الغرب هو مكان غروب الشمس وغرب النيل يعنى عند المصري القديم نهايه العالم . وغروب الشمس يعنى نهايه الحياة وبدايه حياه جديده من هنا جاءت فكرة البعث بعد الموت فنجد مقابر النبلاء بغرب اسوان , وادى الملوك والملكات غرب الاقصر .... الخ عاشوا وحكموا بالشرق حيث شروق الشمس هو ايضا شرق النيل وبدايه العالم ,فنجدهم مارسوا الحياه حيث هي موجوده شرق النيل و الشمس ودفنوا بالغرب حيث غروب الشمس وغروب النيل الذى يمثل نهايه العالم .
هذا ويذكر الدكتور جمال حمدان في كتابه شخصيه مصر دراسه في عبقرية المكان الجزء الثانى قائلا " عرف المصريين القدماء فكرة الخلود و البعث مبكرا وكانوا اول المتدينين , كذلك فإن الفراغ الآمن الذى أعان عليه الموقع الجغرافى و الغنى الحافز والترف القادر ...لولا هذه الامكانيات التى هيأها النيل لما فكروا في الخلود " ويضيف راشيل فلامنج "أنه لو كانت مصر قطعه مكررة من الصحراء المشابهه تحيا حياة محروبه متنقله ..ما كانت هذه الحياة تستحق الحرص عليها او السعى لتخليدها "
يذكر الدكتور جمال حمدان ايضا ان بلغ عدد الالهه خلال العصر الفرعونى نحو2000 إله , معظمها مستمده من عناصر ومعالم البيئه المحيطه من حيوان ونبات. ولكن الملاحظه الهامه هى أنه على ل هذه الالهه جميعها كانت تسيطر في الدرجه الاولى الشمس (رع ) و النهر (حابى ) ....... و أضيف أنهم عبدوا الصفات وليس الحيوان لذاته او النبات لذاته .
وتذهب نعمات فؤاد الي ان الحضارة المصريه القديمة هي القاعدة الكبيرة للديانات السماوية , وفى المجمل فإن المصريين كانوا منذ البدايه مؤمنين بالفطرة , وكانت مصر دائما بلد الايمان قبل وبعد الاديان .
نرجع مره أخري لتجربتى بشمال وجنوب وسأحدثكم بقصه من الشمال وآخرى من الجنوب .
من الشمال تحديدا القاهرة بمنطقه مصر القديمه بمجمع الاديان :تمتاز العمارة بمجمع الاديان بالطراز الاسلامى من حيث شكل الفسيفساء و النقوش و البنيه , ذلك لان من قاموا ببناء الكنائس و المعبد اليهودى هم مهندسين مسلمين بهذا المكان تذوب فيه الثقفات فلا تدرى انها نيسه الا عندما تجد الصلبان اما اذا نظرت اليها نظرة كليه تجدها اشبه بأى بناء إسلامى , ورغم العداء التاريخى بين المسلمين و اليهود فمن بنى المعبد اليهودى بمجمع الاديان هم أيضا عمال ومهندسين مسلمين .
ترى المسلمين بمجمع الاديان يزرون الكنائس يضيئون الشموع يعرفون تاريخ ماري جرجس وقصته يتوضأون من بئر السيده العذرا مريم ومن ثم يتوجهون للصلاة بمسجد عمرو بن العاص .
وأثناء تواجدي داخل غرفه بئر العذراء بكنيسه العذراء إقترحت عليا فتاه مسيحيه تدعى كريستيانا ان تصب عليا الماء لكى أتوضأ لصلاه الظهر فقد حان وقته و الكثير من المسلمين يفعلون ذلك ولم أكن ادرى بالامر بعد ,فإرتشفت الماء من البئر ووضعت عليا الماء لأتوضأ , وفور إنتهائى من الوضوء دخلت سيديتن وطلبوا ن زجاجه الماء المعدنيه التى كانت بيدى ليملؤها من ماء البئر لاولادهن ولم يكن هناك بد , فاعطيت لهم الزجاجه وقاموا بإفراغها وكأن المياه المعدنيه لا قيمه لها وملئها من البئر .
الكثير من المسلمين يفعلون ذلك ويأتون الى هذا المكان من أجل هذا الغرض ويعتقدون بقدرة شفاءة وقدرته على تحقيق ما يتمنوه ....ورأيت المسلمين ايضا بكنيسه ماري جرجس يكتبون له الاوراق ويضعوها بجانب رفاته ويضيئون الشموع ويبترعون ايضا بالاموال من أجل الكنائس هناك وقد قمت بالتبرع أيضا ....
وفور توجهى الي مسجد عمرو بن العاص رأيت الكثير من الاجانب يصلون رجال ونساء , مصريين أيضا وقابلت هناك سيدات مسيحيات يتبركون بالمسجد وبصاحبه أيضاً .
أذكر تلك السيده التى جاءت للجلوس بجانبى وقد أخذت ركن بالمسجد لأستريح بعد جوله به ,وجلست تناجى عمرو وربه وتشتكى اليه ظلم ابنائها لها وجفاء حياتها بعد وفاة زوجها وعندما التفت اليها رأيت الصليب بيدها ولم تلاحظ هي وجودى فقد كانت منهمكه جدا بالتضرع الي الله ...وتذكرت حينها قوله تعالى: " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ(82)وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ(83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ(84)
وبالانجيل أيضاً يقول "كلكم عبادى نقشتقم على يدى " و الفلاسفه يقولون ان الله لا ينجاز الي أحد
أتذذكر احد الشباب العلمانين طلب من أحدهم أن يعدل الشبشب قائلا اعدلوا الشبشب حرام فرد عليه أحدهم يذكره بأنه علمانى كيف يعرف الحرام ؟؟ فتعجب الجميع ..... أعتقد ان هذا هو التدين بطبعه .....
وتذكرت اننا جميعنا نعبد الله سواء كنا مسلمين ام مسيحين ا و اصحاب عقائد خاصه فالجميع يعبد الله كما يرى بطريقته , وتذكرت وانا بالمسجد أيضا قداس الصلاة الذى حضرته بأحد كنائس مجمع الاديان منذ قليل كيف هم يعبدون الله ورايت النساء بزى يشبهه المسلمين كثيرا وللكنائس بمجمع الاديان رائحه بخور مميزة جميله يستخدمونه للصلاة , و الملسمين أيضا يتبركون بالبخور .
سأستكمل لكم تجربتى بالجنوب لاحقا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق