ليس دفاعا عن الشهيد سيد قطب ......إنما واقع تاريخى ثابت
كيف هان سيد قطب على جمال عبد الناصر؟
لا يختلف اثنان أن سيد قطب أُعْدِمَ ظُلْمًا وعدوانًا،، حتى إن العرب بَكَوْهُ من المحيط إلى الخليج، ولم تُفْلِحْ وساطة بعض الحكام لدى عبد الناصر، وعلى رأسهم الملك فيصل رحمه الله، والرئيس العراقى عبد السلام عارف رحمه الله، فى ثَنْى عبد الناصر عن تنفيذ حكم الإعدام. أنَّ الضباط الأحرار قُبَيْلَ الثورة كانوا يتشاورون مع سيد قطب حول ترتيبات الثورة وأسس نجاحها، والذى يؤكّد ذلك أنه تم تعيينه من قِبَل قيادة الثورة مستشارًا لها فى الأمور الداخلية، وأوكلت له مهمة تغيير مناهج التعليم التى عُمِل بها فى مصر، والتى أكل الدهر عليها وشرب.
من هو سيد قطب ؟
هو سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي ولد 9 أكتوبر 1906م , ولد في قرية موشا وهي إحدى قرى محافظة أسيوط تلقى دراسته الابتدائية في قريته. حفظ القرآن الكريم في السنة الثانية الابتدائي وعمره حوالي ثماني سنوات وبعد ثلاث سنوات أتم حفظ القرآن كاملاً .هو الابن الأول لأمه بعد أخت تكبره بثلاث سنوات وأخ من أبيه غير شقيق يكبره بجيل كامل. وكانت أمه تريد منه أن يكون متعلمًا مثل أخواله كما كان أبوه عضوًا في لجنة الحزب الوطني .
ثم سافر في سنة 1920م إلى القاهرة والتحق بمدرسة المعلمين الأولية ونال منها شهادة الكفاءة للتعليم الأولي
ثم التحق بتجهيزية دار العلوم. وفي سنة 1932م حصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من كلية دار العلوم. وتخرج عام 1352 هـ 1933 م .
عمله
عمل بوزارة المعارف بوظائف تربوية وإدارية وابتعثته الوزارة إلى أمريكا لمدة عامين وعاد عام 1370 هـ - 1950 م. انضم إلى حزب الوفدالمصري لسنوات وتركه على أثر خلاف في عام 1361 هـ - 1942 م وفي عام 1370 هـ - 1950 م انضم إلى جماعةالإخوان المسلمين وخاض معهم محنتهم التي بدأت منذ عام 1954 م إلى عام 1966 م وحوكم بتهمة التآمر على نظام الحكم وصدر الحكم بإعدامه وأعدم عام 1385 هـ - 1966 م
بدأ قطب متأثراً بحزب الوفد وخصوصًا بكاتبه عباس محمود العقاد وكتاباته الشيقة فقد تأثر كثيراً باعتقادات العقاد وكان من أشد المدافعين عنه إلا أن نظرته إلى الجيل السابق أخذت تتغير شيئاً فشيئاً وصار ينحى باللائمة على ذلك الجيل في تردي أوضاع الأمة وبدأ بإنشاء منهج اختطه بنفسه وفق ما اقتضته الظروف العصيبة للمجتمع والأمة. زاد شغفه بالأدبالعربي وقام على تأليف كتاب كتب وشخصيات وكتاب النقد الأدبي - أصوله ومناهجه. ثم تحول إلى الكتابة الإسلامية فكتب كتاب التصوير الفني في القرآن الذي لاقى استحسانًا واسعًا بين الأدباء وأهل العلم.
حصل سيد على بعثة للولايات المتحدة في 3 نوفمبر 1948 م من وزارة المعارف للتخصص في التربية وأصول المناهج لدراسة التربية وأصول المناهج وكان يكتب المقالات المختلفة عن الحياة في أمريكا وينشرها في الجرائد المصرية ومنها مقال بعنوان أمريكا التي رأيت يقول فيه «شعب يبلغ في عالم العلم والعمل قمة النمو والارتقاء بينما هو في عالم الشعور والسلوك بدائي لم يفارق مدارج البشرية الأولى بل أقل من بدائي في بعض نواحي الشعور والسلوك .
لما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها زادت الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية سوءًا وفسادًا وكانت جماعة الإخوان المسلمين هي أوضح الجماعات حركة وانتشارًا حتى وصلت لمعاقل حزب الوفد كالجامعة والوظائف والريف وأخذت تجذب بدعوتها المثقفين. في 23 أغسطس عام 1952م عاد سيد من الولايات المتحدة إلى مصر للعمل في مكتب وزير المعارف. وقامت الوزارة على نقله أكثر من مرة الأمر الذي لم يرق لسيد فقدم استقالته من الوزارة في تاريخ 18 أكتوبر عام 1952م
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ازدادت الأحوال المعيشية والسياسية سوءًا ولعبت حركة الإخوان المسلمين دورًا بارزًا في عجلة الإصلاح والتوعية. واستقطبت حركة الإخوان المسلمين المثقفين وكان لسيد قطب مشروع إسلامي يعتقد فيه بأنه: «لا بد وأن توجد طليعة إسلامية تقود البشرية إلى الخلاص.» ولذلك كانت بداية العلاقة بين سيد قطب والإخوان المسلمين هو كتاب العدالة الاجتماعية في الإسلام وفي الطبعة الأولى كتب في الإهداء:
«الفتية الذين ألمحهم في خيالي قادمين يردون هذا الدين جديدًا كما بدأ يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون.»
وفهم الإخوان المسلمون أن هذا الإهداء يعنيهم هم فأصبحوا يهتمون بأمره ويعتبرونه صديقاً لهم إلى أن انضم فيما بعد إلى الحركة وأصبح مسؤولًا للقسم الدعوي فيها.
ولا أحد ينكر قيمة المقالات التى نشرها سيد قطب، ودعا فيها الشعب المصرى للخروج على سياسة القهر والرجعية المصرية، على تثبيت دعائم الثورة، ومنحها شرعية فكرية وجماهيرية لدى الناس. وقد حاول سيد قطب التوفيق بين عبد الناصر والإخوان عندما اشتد الخلاف بينهما، ولكنه انحاز فى نهاية الأمر إلى الإخوان، رافِضًا جميع المناصب التى عرضها عليه عبد الناصر، مثل وزير المعارف، ومدير سلطة الإذاعة. وسرعان ما توجس سيد من تصرفات قيادات الثورة، حتى إنه صارح بعض خلصائه قائلًا: لا أجد فى تطور الثورة ما يريح، فهؤلاء الأمريكان يحاولون احتواءها بدلا من الإنجليز! ويروى الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار- الأديب الحجازى المعروف والصديق الأثير لسيد قطب- عن صلة سيد برجال الثورة بعد قيامها، فيقول: بَلَغَ من احترام الثورة لسيد قطب، وعرفانها بجميله وفضله، أن كل أعضاء مجلس قيادة الثورة كانوا مُلْتَفِّين حوله، ويرجعون إليه فى كثير من الأمور، حتى إنه كان المدنى الوحيد الذى يحضر جلسات مجلس قيادة الثورة أحيانا، وكانوا يترَدَّدُون على منزله فى حلوان بل إنه أول من طرح كلمة "ثورة" بدلا من انقلاب عسكرى لحركة 32 يوليو. ويتابع عطار كلامه، كما ينقله لنا الدكتور صلاح الخالدى فى كتابه "سيد قطب: الأديب الناقد، والداعية المجاهد والمفكر المفسر الرائد"- دار القلم- دمشق: "قرر مجلس قيادة الثورة أن يسند إلى سيد قطب منصب وزير المعارف - ونشرت مجلة آخر ساعة القرار - ولكن سيد قطب اعتذر، ورجوه أن يتولى منصب المدير العام للإذاعة، فاعتذر! وأخيرا وافَقَ على أن يكون السكرتير العام لهيئة التحرير..(وهى وظيفة تعنى أنه تقريبًا الرجل الثانى فى الدولة) ولَبِثَ سيد قطب فيها شهرًا واحدًا، فسرعان ما بدأ الخلاف بين سيد قطب وبين عبد الناصر وزملائه، مما اضطره إلى الاستقالة من هيئة التحرير. وسيدٌ قطب نفسه يروى عن صلته برجال الثورة بعد قيامها، فيقول: "استغرقتُ فى العمل مع رجال ثورة 23 يوليو 52، حتى شهر فبراير 1953. عندما بدأ تفكيرى وتفكيرهم يفترق حول هيئة التحرير، ومنهج تكوينها، وحول مسائل أخرى فى ذلك الحين، لا داعى لتفصيلها". ويقول:"كنت أعمل أكثر من اثنتى عشرة ساعة يوميا، قريبا من رجال الثورة".وكانت هناك أواصر كثيرة تجمع بين قطب وعبد الناصر، فى تلك العلاقة النادرة فى تحولاتها وآثارها على مصر كلها! فكلاهما صعيدى من أسيوط؛ سيد من مواليد "أموشا"، وعبد الناصر من "بنى مر"، فالصفات "الصعيدية" تجمع بينهما، من حيث الإيمان بالمبادئ التى يعتنقها كل واحد منهما، والحدة فى الخلاف. وقد جمع بينهما أيضا حب الوطن، والإيمان بفكرة الاستقلال، وتطهير مصر من الاستعمار، وكراهية الغرب وأمريكا. ولكن يبدو أن ما كان يفرقهما تغلب على ما يجمعهما، وكان أبرز ما يفرق بينهما أن سيد قطب كان أديبًا، وشاعراً، رقيق العواطف، بينما كان عبد الناصر عسكريًّا حادًّا، بعيدًا عن العواطف العلاقات الإنسانية. إلا أنّ بعض الباحثين يرى أن السبب الرئيس للخلاف الذى انتهى بموت سيد قطب، هو أن سيدًا كان ضَحِيَّةَ الخلافات بين عبد الناصر والإخوان، فهو لم يكن صاحب خلاف عميقٍ مع عبد الناصر يؤدى به إلى ذلك المصير على حبال المشانق. ومن أمثال أصحاب هذه الرؤية الكاتب الإسلامى محمد سيد بركة، صاحب كتاب "سيد قطب أوراق منسية". لَكِنَّ مما يثير شجونًا فى النفس ذلك السؤال: كيف هان سيد على عبد الناصر، وهو مُتَّهَمٌ فى قضية هو منها بريء، وهى تكوين تنظيم مسلح لاغتيال عبد الناصر!! والقضية من أولها إلى آخرها من صنع المخابرات العسكرية! وإن فَرَضْنَا جدلا بصحة وجودها، فإن سيد قطب لم يشارك فيها، ولم يَعْلَمْ عنها شيئًا؛ لأن طبيعته كمفكر وأديب وشاعر أبعدُ ما تكون عن التنظيمات السرية المسلحة، فصاحب القلم لا يلجأ إلى البندقية أبدًا، فضلا أن ذكاء سيد قطب يمنعه من الوقوع فى هذا الفخ، والسير فى هذا الطريق! ومرة أخرى ..كيف هان لعبد الناصر أن يُعْدِمَ مفكرا كتب عنه أستاذه الدكتور مهدى علام، فى تقديمه لرسالة (مهمة الشاعر فى الحياة) التى ألقاها سيد قطب كمحاضرة فى دار العلوم، فقال عنه: (لو لم يكن لى تلميذ سواه لكفانى ذلك سرورًا وقناعة، ويعجبنى فيه جرأته الحازمة التى لم تَسْفَهْ فتصبح تهورًا، ولم تَذِلّ فتغدو جبنًا، وتعجبنى فيه عصبيته البصيرة، وإننى أُعِدُّ سيد قطب مفخرةً من مفاخر دار العلوم"! هذا المفكر العملاق الذى ألَّفَ أكثرَ من 32 كتابا، يأتى على رأسها كتابه الرائع "فى ظلال القرآن الكريم" فى 6 أجزاء.. ولكن حياته الفكرية لم تطل، إذ ما إن ولى وجهه عن الثورة حتى لاحقوه بالتهم والاعتقالات.. فكان أول اعتقال لسيد قطب عام 1954م لمدة شهرين مع قيادات الإخوان المسلمين، ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى بعد (حادث المنشية)، الذى اتهم عبد الناصر جماعة الإخوان المسلمين بتدبيره ومحاولة اغتياله .. وكان من جملة المعتقلين الأستاذ سيد قطب، وصدر ضده حُكْمٌ بالسجن 15 سنة، ثم تَوَسَّطَ له الرئيس العراقى عبد السلام عارف، فأُفْرِجَ عنه بعفوٍ رئاسى. وفى عام 1965م أعاد عبد الناصر المواجهة مرة أخرى بينه وبين صديقه القديم، فأعلن من موسكو -وكان فى زيارة لها- عن اكتشاف مؤامرة دبرها الإخوان المسلمين بقيادة سيد قطب لاغتياله، وقلب نظام الحكم. فاعتقل سيدٌ مرة ثالثة، وذاق أصنافًا وألواناً من العذاب على يد زبانية التعذيب فى العهد الناصرى! ولم يؤثر هذا التنكيل على سيد، بل كان ثابتاً صامداً جريئًا أثناء محاكمته القصيرة، والتى حيل فيها بين المحامين الأجانب وممثلى هيئات الدفاع عن حقوق السجين من المرافعة عنه فيها، أو حضورها وألقى عبد الناصر ورقته الأخيرة إلى قطب لعله يلين إلى السلطان الجالس على الكرسي؛ فأرسل إليه في ليلة تنفيذ الحكم عارضًا عليه الاعتذار، أو أنْ يكتب سطرًا واحدًا يطلب فيه الرحمة من جمال عبد الناصر... ولكنْ ما كان لمثل سيِّد- في جرأته وإيمانه بما يعتقد- أنْ يقبل بمثل هذا العرض؛ فرفض العرض الأخير في حياته كلها، قائلًا كلماته الخالدة: "إنَّ إصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة يَأْبَى أنْ يكتب كلمةً يتقرب بها لحاكم طاغية؛ فإنْ كنتُ مسجونًا بالحق فأنا أرتضى حكم الحق، وإنْ كنتُ مسجونًا بالباطل فأنا أكبرُ من أنْ أسترحم الباطل".وألقى عبد الناصر ورقته الأخيرة إلى قطب لعله يلين إلى السلطان الجالس على الكرسي؛ فأرسل إليه في ليلة تنفيذ الحكم عارضًا عليه الاعتذار، أو أنْ يكتب سطرًا واحدًا يطلب فيه الرحمة من جمال عبد الناصر... ولكنْ ما كان لمثل سيِّد- في جرأته وإيمانه بما يعتقد- أنْ يقبل بمثل هذا العرض؛ فرفض العرض الأخير في حياته كلها، قائلًا كلماته الخالدة: "إنَّ إصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة يَأْبَى أنْ يكتب كلمةً يتقرب بها لحاكم طاغية؛ فإنْ كنتُ مسجونًا بالحق فأنا أرتضى حكم الحق، وإنْ كنتُ مسجونًا بالباطل فأنا أكبرُ من أنْ أسترحم الباطل".
كيف هان سيد قطب على جمال عبد الناصر؟
لا يختلف اثنان أن سيد قطب أُعْدِمَ ظُلْمًا وعدوانًا،، حتى إن العرب بَكَوْهُ من المحيط إلى الخليج، ولم تُفْلِحْ وساطة بعض الحكام لدى عبد الناصر، وعلى رأسهم الملك فيصل رحمه الله، والرئيس العراقى عبد السلام عارف رحمه الله، فى ثَنْى عبد الناصر عن تنفيذ حكم الإعدام. أنَّ الضباط الأحرار قُبَيْلَ الثورة كانوا يتشاورون مع سيد قطب حول ترتيبات الثورة وأسس نجاحها، والذى يؤكّد ذلك أنه تم تعيينه من قِبَل قيادة الثورة مستشارًا لها فى الأمور الداخلية، وأوكلت له مهمة تغيير مناهج التعليم التى عُمِل بها فى مصر، والتى أكل الدهر عليها وشرب.
من هو سيد قطب ؟
هو سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي ولد 9 أكتوبر 1906م , ولد في قرية موشا وهي إحدى قرى محافظة أسيوط تلقى دراسته الابتدائية في قريته. حفظ القرآن الكريم في السنة الثانية الابتدائي وعمره حوالي ثماني سنوات وبعد ثلاث سنوات أتم حفظ القرآن كاملاً .هو الابن الأول لأمه بعد أخت تكبره بثلاث سنوات وأخ من أبيه غير شقيق يكبره بجيل كامل. وكانت أمه تريد منه أن يكون متعلمًا مثل أخواله كما كان أبوه عضوًا في لجنة الحزب الوطني .
ثم سافر في سنة 1920م إلى القاهرة والتحق بمدرسة المعلمين الأولية ونال منها شهادة الكفاءة للتعليم الأولي
ثم التحق بتجهيزية دار العلوم. وفي سنة 1932م حصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من كلية دار العلوم. وتخرج عام 1352 هـ 1933 م .
عمله
عمل بوزارة المعارف بوظائف تربوية وإدارية وابتعثته الوزارة إلى أمريكا لمدة عامين وعاد عام 1370 هـ - 1950 م. انضم إلى حزب الوفدالمصري لسنوات وتركه على أثر خلاف في عام 1361 هـ - 1942 م وفي عام 1370 هـ - 1950 م انضم إلى جماعةالإخوان المسلمين وخاض معهم محنتهم التي بدأت منذ عام 1954 م إلى عام 1966 م وحوكم بتهمة التآمر على نظام الحكم وصدر الحكم بإعدامه وأعدم عام 1385 هـ - 1966 م
بدأ قطب متأثراً بحزب الوفد وخصوصًا بكاتبه عباس محمود العقاد وكتاباته الشيقة فقد تأثر كثيراً باعتقادات العقاد وكان من أشد المدافعين عنه إلا أن نظرته إلى الجيل السابق أخذت تتغير شيئاً فشيئاً وصار ينحى باللائمة على ذلك الجيل في تردي أوضاع الأمة وبدأ بإنشاء منهج اختطه بنفسه وفق ما اقتضته الظروف العصيبة للمجتمع والأمة. زاد شغفه بالأدبالعربي وقام على تأليف كتاب كتب وشخصيات وكتاب النقد الأدبي - أصوله ومناهجه. ثم تحول إلى الكتابة الإسلامية فكتب كتاب التصوير الفني في القرآن الذي لاقى استحسانًا واسعًا بين الأدباء وأهل العلم.
حصل سيد على بعثة للولايات المتحدة في 3 نوفمبر 1948 م من وزارة المعارف للتخصص في التربية وأصول المناهج لدراسة التربية وأصول المناهج وكان يكتب المقالات المختلفة عن الحياة في أمريكا وينشرها في الجرائد المصرية ومنها مقال بعنوان أمريكا التي رأيت يقول فيه «شعب يبلغ في عالم العلم والعمل قمة النمو والارتقاء بينما هو في عالم الشعور والسلوك بدائي لم يفارق مدارج البشرية الأولى بل أقل من بدائي في بعض نواحي الشعور والسلوك .
لما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها زادت الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية سوءًا وفسادًا وكانت جماعة الإخوان المسلمين هي أوضح الجماعات حركة وانتشارًا حتى وصلت لمعاقل حزب الوفد كالجامعة والوظائف والريف وأخذت تجذب بدعوتها المثقفين. في 23 أغسطس عام 1952م عاد سيد من الولايات المتحدة إلى مصر للعمل في مكتب وزير المعارف. وقامت الوزارة على نقله أكثر من مرة الأمر الذي لم يرق لسيد فقدم استقالته من الوزارة في تاريخ 18 أكتوبر عام 1952م
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ازدادت الأحوال المعيشية والسياسية سوءًا ولعبت حركة الإخوان المسلمين دورًا بارزًا في عجلة الإصلاح والتوعية. واستقطبت حركة الإخوان المسلمين المثقفين وكان لسيد قطب مشروع إسلامي يعتقد فيه بأنه: «لا بد وأن توجد طليعة إسلامية تقود البشرية إلى الخلاص.» ولذلك كانت بداية العلاقة بين سيد قطب والإخوان المسلمين هو كتاب العدالة الاجتماعية في الإسلام وفي الطبعة الأولى كتب في الإهداء:
«الفتية الذين ألمحهم في خيالي قادمين يردون هذا الدين جديدًا كما بدأ يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون.»
وفهم الإخوان المسلمون أن هذا الإهداء يعنيهم هم فأصبحوا يهتمون بأمره ويعتبرونه صديقاً لهم إلى أن انضم فيما بعد إلى الحركة وأصبح مسؤولًا للقسم الدعوي فيها.
ولا أحد ينكر قيمة المقالات التى نشرها سيد قطب، ودعا فيها الشعب المصرى للخروج على سياسة القهر والرجعية المصرية، على تثبيت دعائم الثورة، ومنحها شرعية فكرية وجماهيرية لدى الناس. وقد حاول سيد قطب التوفيق بين عبد الناصر والإخوان عندما اشتد الخلاف بينهما، ولكنه انحاز فى نهاية الأمر إلى الإخوان، رافِضًا جميع المناصب التى عرضها عليه عبد الناصر، مثل وزير المعارف، ومدير سلطة الإذاعة. وسرعان ما توجس سيد من تصرفات قيادات الثورة، حتى إنه صارح بعض خلصائه قائلًا: لا أجد فى تطور الثورة ما يريح، فهؤلاء الأمريكان يحاولون احتواءها بدلا من الإنجليز! ويروى الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار- الأديب الحجازى المعروف والصديق الأثير لسيد قطب- عن صلة سيد برجال الثورة بعد قيامها، فيقول: بَلَغَ من احترام الثورة لسيد قطب، وعرفانها بجميله وفضله، أن كل أعضاء مجلس قيادة الثورة كانوا مُلْتَفِّين حوله، ويرجعون إليه فى كثير من الأمور، حتى إنه كان المدنى الوحيد الذى يحضر جلسات مجلس قيادة الثورة أحيانا، وكانوا يترَدَّدُون على منزله فى حلوان بل إنه أول من طرح كلمة "ثورة" بدلا من انقلاب عسكرى لحركة 32 يوليو. ويتابع عطار كلامه، كما ينقله لنا الدكتور صلاح الخالدى فى كتابه "سيد قطب: الأديب الناقد، والداعية المجاهد والمفكر المفسر الرائد"- دار القلم- دمشق: "قرر مجلس قيادة الثورة أن يسند إلى سيد قطب منصب وزير المعارف - ونشرت مجلة آخر ساعة القرار - ولكن سيد قطب اعتذر، ورجوه أن يتولى منصب المدير العام للإذاعة، فاعتذر! وأخيرا وافَقَ على أن يكون السكرتير العام لهيئة التحرير..(وهى وظيفة تعنى أنه تقريبًا الرجل الثانى فى الدولة) ولَبِثَ سيد قطب فيها شهرًا واحدًا، فسرعان ما بدأ الخلاف بين سيد قطب وبين عبد الناصر وزملائه، مما اضطره إلى الاستقالة من هيئة التحرير. وسيدٌ قطب نفسه يروى عن صلته برجال الثورة بعد قيامها، فيقول: "استغرقتُ فى العمل مع رجال ثورة 23 يوليو 52، حتى شهر فبراير 1953. عندما بدأ تفكيرى وتفكيرهم يفترق حول هيئة التحرير، ومنهج تكوينها، وحول مسائل أخرى فى ذلك الحين، لا داعى لتفصيلها". ويقول:"كنت أعمل أكثر من اثنتى عشرة ساعة يوميا، قريبا من رجال الثورة".وكانت هناك أواصر كثيرة تجمع بين قطب وعبد الناصر، فى تلك العلاقة النادرة فى تحولاتها وآثارها على مصر كلها! فكلاهما صعيدى من أسيوط؛ سيد من مواليد "أموشا"، وعبد الناصر من "بنى مر"، فالصفات "الصعيدية" تجمع بينهما، من حيث الإيمان بالمبادئ التى يعتنقها كل واحد منهما، والحدة فى الخلاف. وقد جمع بينهما أيضا حب الوطن، والإيمان بفكرة الاستقلال، وتطهير مصر من الاستعمار، وكراهية الغرب وأمريكا. ولكن يبدو أن ما كان يفرقهما تغلب على ما يجمعهما، وكان أبرز ما يفرق بينهما أن سيد قطب كان أديبًا، وشاعراً، رقيق العواطف، بينما كان عبد الناصر عسكريًّا حادًّا، بعيدًا عن العواطف العلاقات الإنسانية. إلا أنّ بعض الباحثين يرى أن السبب الرئيس للخلاف الذى انتهى بموت سيد قطب، هو أن سيدًا كان ضَحِيَّةَ الخلافات بين عبد الناصر والإخوان، فهو لم يكن صاحب خلاف عميقٍ مع عبد الناصر يؤدى به إلى ذلك المصير على حبال المشانق. ومن أمثال أصحاب هذه الرؤية الكاتب الإسلامى محمد سيد بركة، صاحب كتاب "سيد قطب أوراق منسية". لَكِنَّ مما يثير شجونًا فى النفس ذلك السؤال: كيف هان سيد على عبد الناصر، وهو مُتَّهَمٌ فى قضية هو منها بريء، وهى تكوين تنظيم مسلح لاغتيال عبد الناصر!! والقضية من أولها إلى آخرها من صنع المخابرات العسكرية! وإن فَرَضْنَا جدلا بصحة وجودها، فإن سيد قطب لم يشارك فيها، ولم يَعْلَمْ عنها شيئًا؛ لأن طبيعته كمفكر وأديب وشاعر أبعدُ ما تكون عن التنظيمات السرية المسلحة، فصاحب القلم لا يلجأ إلى البندقية أبدًا، فضلا أن ذكاء سيد قطب يمنعه من الوقوع فى هذا الفخ، والسير فى هذا الطريق! ومرة أخرى ..كيف هان لعبد الناصر أن يُعْدِمَ مفكرا كتب عنه أستاذه الدكتور مهدى علام، فى تقديمه لرسالة (مهمة الشاعر فى الحياة) التى ألقاها سيد قطب كمحاضرة فى دار العلوم، فقال عنه: (لو لم يكن لى تلميذ سواه لكفانى ذلك سرورًا وقناعة، ويعجبنى فيه جرأته الحازمة التى لم تَسْفَهْ فتصبح تهورًا، ولم تَذِلّ فتغدو جبنًا، وتعجبنى فيه عصبيته البصيرة، وإننى أُعِدُّ سيد قطب مفخرةً من مفاخر دار العلوم"! هذا المفكر العملاق الذى ألَّفَ أكثرَ من 32 كتابا، يأتى على رأسها كتابه الرائع "فى ظلال القرآن الكريم" فى 6 أجزاء.. ولكن حياته الفكرية لم تطل، إذ ما إن ولى وجهه عن الثورة حتى لاحقوه بالتهم والاعتقالات.. فكان أول اعتقال لسيد قطب عام 1954م لمدة شهرين مع قيادات الإخوان المسلمين، ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى بعد (حادث المنشية)، الذى اتهم عبد الناصر جماعة الإخوان المسلمين بتدبيره ومحاولة اغتياله .. وكان من جملة المعتقلين الأستاذ سيد قطب، وصدر ضده حُكْمٌ بالسجن 15 سنة، ثم تَوَسَّطَ له الرئيس العراقى عبد السلام عارف، فأُفْرِجَ عنه بعفوٍ رئاسى. وفى عام 1965م أعاد عبد الناصر المواجهة مرة أخرى بينه وبين صديقه القديم، فأعلن من موسكو -وكان فى زيارة لها- عن اكتشاف مؤامرة دبرها الإخوان المسلمين بقيادة سيد قطب لاغتياله، وقلب نظام الحكم. فاعتقل سيدٌ مرة ثالثة، وذاق أصنافًا وألواناً من العذاب على يد زبانية التعذيب فى العهد الناصرى! ولم يؤثر هذا التنكيل على سيد، بل كان ثابتاً صامداً جريئًا أثناء محاكمته القصيرة، والتى حيل فيها بين المحامين الأجانب وممثلى هيئات الدفاع عن حقوق السجين من المرافعة عنه فيها، أو حضورها وألقى عبد الناصر ورقته الأخيرة إلى قطب لعله يلين إلى السلطان الجالس على الكرسي؛ فأرسل إليه في ليلة تنفيذ الحكم عارضًا عليه الاعتذار، أو أنْ يكتب سطرًا واحدًا يطلب فيه الرحمة من جمال عبد الناصر... ولكنْ ما كان لمثل سيِّد- في جرأته وإيمانه بما يعتقد- أنْ يقبل بمثل هذا العرض؛ فرفض العرض الأخير في حياته كلها، قائلًا كلماته الخالدة: "إنَّ إصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة يَأْبَى أنْ يكتب كلمةً يتقرب بها لحاكم طاغية؛ فإنْ كنتُ مسجونًا بالحق فأنا أرتضى حكم الحق، وإنْ كنتُ مسجونًا بالباطل فأنا أكبرُ من أنْ أسترحم الباطل".وألقى عبد الناصر ورقته الأخيرة إلى قطب لعله يلين إلى السلطان الجالس على الكرسي؛ فأرسل إليه في ليلة تنفيذ الحكم عارضًا عليه الاعتذار، أو أنْ يكتب سطرًا واحدًا يطلب فيه الرحمة من جمال عبد الناصر... ولكنْ ما كان لمثل سيِّد- في جرأته وإيمانه بما يعتقد- أنْ يقبل بمثل هذا العرض؛ فرفض العرض الأخير في حياته كلها، قائلًا كلماته الخالدة: "إنَّ إصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة يَأْبَى أنْ يكتب كلمةً يتقرب بها لحاكم طاغية؛ فإنْ كنتُ مسجونًا بالحق فأنا أرتضى حكم الحق، وإنْ كنتُ مسجونًا بالباطل فأنا أكبرُ من أنْ أسترحم الباطل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق