نعود لحكاية الحاج محمد العرمان ...نسر الصحراء ..كان استقباله لى ولزميلى الضابط محمود ..ودود ...وبسيط ...ولائق ..كان فى حوالى الستين من عمره ..الا ان مظهره يوحى بأكثر من هذا ..فوجهه ملفوح بأشعة الشمس ..كان حديثه جميل ..صوته خفيض لكنه واضح ..لديه ثقافه صحراويه من نوع خاص ...حدثنى عن علم السير ليلا استرشادا بحركات النجوم ...كان يقرأ بالنجوم ساعة ضبط الوقت ...ويعرف كل الاتجاهات ...يقول ...اسفل النجم الفلانى تقع مدينة الاسكندريه ...ويتحدث عن الاسكندريه كما لو كانت امامه كتابا مفتوحا ...ويشاور بيديه باتجاه مدينتى العريش وغزه ...يحفظ عن ظهر قلب جغرافيا العالم من حوله بمجرد نظره للنجوم .. دروب الصحراء يعرفها جميعا كما لو كان يراها ويحفظها عن ظهر قلب ...اصطحبنى الى مجموعة الجمال والابل التى يقتنيها ...كانت تجلس بحظيرته بالقرب منه ....عرفنى بهم كما لو كانت اولاده ...وعندما جاء دور معشوقته التى يجوب بها بحور الصحراء ..على حد قوله... قال ...انها تفهم ما اريده دون ان اقول لها شىء ...تتحمل رحلاتى الشاقه الطويله ..والظروف الصعبه و العطش والشمس ....حدثنى عن علم الانساب ..وأصل القبائل العربيه الموجوده بمصر ..وعلوم الفراسه وتقصى الاثر ...كان الرجل وبحق موسوعه ناطقه ومتحركه ...عرفنى بأولاده الشباب ..كانوا اربعه على ما اذكر ...إلا انه عندما قدم صغيرهم ..وكان على ما اذكر اسمه احمد ... كان صبى لا يذيد عن السابعة عشر ..لمعت عيناه ..تحدث عنه بفخر شديد ..قال عنه ..انه احسن الرماه بين جميع ابناء القبائل العربيه المحيطه بالجبل الشرقى من الجيزه حتى اسوان ..فهو البطل فى كل المسابقات الرمايه التى تقوم بين شباب العرب ...حيث يتباروا فى مناسبات الزواج ...فى سباق الرمايه بالبندقيه على زجاجه من مسافه تبدأ ب100 متر ...ويعاد النزال بينهما لمن يصيب الهدف ....بعد ابعاد الزجاجه ل 100 متر اخرى ...ويظل النزال ..والزجاجه تبتعد ..حتى تحين ساعة الغروب ...وتكون الزجاجه قد ابتعدت لمسافه كبير قد تتجاوز ال 1000 متر ولا تظهر الزجاجه الا من مجرد انعكاس ضوء الشمس عليها ...مما يصعب اصابتها ...ودائما ما يكون الصبى احمد بن الحاج محمد العرمان هو بطل هذا السباق حيث يفوز بالبقره التى يقدمها ..عريس الفرح ..كهديه للبطل...انتهزت فرصة هذا اللقاء وبناء هلى توجيهات اللواء احمد فؤاد الحارونى رئيس مباحث المديريه ..تحدثت مع الحاج العرمان ..عن انهاء بعض الخصومات الثأريه بين بعض العائلات من العرب ...خاصة عائلتى ....البكاكوه ...والبوازين ...وابدى استعداده للقيام بإنهاء تلك الخصومات الثأريه ...فى نهاية اللقاء شكرته وصافحته ..اذكر انه عندما صافحنى احتضننى وقال لى ..سمعت عنك كل خير يا ابو السعود ..واعلم انك رجل تحب حق وتكره الباطل ..لن تسمع عن كل عائلات العرب بالجبل الا كل خير ..طالما كنت رئيسا لمباحث مركزنا ثم صافحته وانصرفت ..
فى طريق العوده ...كان الظلام الدامس يغطى السماء ...وجدت الكثير من رجاله يمتطون الخيل والجمال ويسيرون حولنا حتى وصلنا الى طريق الاسفلت ...بعد عودتى حكيت للمرحوم المأمور مصطفى عوض عن تفصيلات اللقاء واتصلت باللواء الحارونى ايضا واطلعته على كل ما حدث ...وفى نهاية مكالمته لى قال ...ما فعلته اليوم ..لم يفعله احد من قبلك ...سوف توفر هذه الزياره عليك الكثير من الجهد الضائع ..وسوف تتجنب الكثير من المشاكل ..
مرت السنوات ..ولم اعد ارى الحاج محمد العرمان ...وكنت احترم رغبته فى الابتعاد عن المدينه وعشقه للصحراء ....كان ابنه فرحان يمر على فترات طويله طويله احدثه ويحدثنى فى ايه امور تتعلق بأخبار العرب ..وكنت احرص فى نهاية كل لقاء على توصيل السلام لوالده ..
فى بداية صيف 1976 ..كنت قد اوشكت على نهاية الثلاث سنوات المقرره لى كخدمه فى مديرية امن اسيوط ..كانت الامور هادئه فى قرى المركز ...فقد اصبحت اعلم كافة الاخبار وتصلنى من مصادرها ...كانت كلها تشير الى ان الامور على خير ما يرام فى معظم البلاد ...الا انه فى احد الايام جائنى المخبر الذكى احمد الباقورى ..وقال لى ...هناك مشكله كبيره قد تقع بين عائلة العمده ( سويفى )عمدة قرية الخوالد ..وجيرانهم من العرب ...ولما كانت حاسة الشم لدى احمد الباقورى لا تكذب ابدا ..فقد ارسلت فى استدعاء العمده سويفى وابناء عمومته سليمان وكان امين الحزب الوطنى بالقريه ..ورشدى عبد الواحد ( الذى كان يسميه اللواء مصطفى عوض وزير حرب العائله ) سألتهم عن اية مشاكل بينهم وبين العرب ..فأجابوا نفيا ..كنت اعلم تماما ان قدرات افراد العرب القتاليه اعلى بكثير من القدره القتاليه لدى شباب عائلة العمده ...قلت لهم ..إننى اخشى عليهم من الدخول فى اية مشاكل مع العرب ..الا انه وللاسف الشديد ..ردوا بما يطمئننى ...وكان اساس المشكله هوالخلاف على شراء قطعة ارض من احد افراد عائلة باشاوات ساحل سليم ...كان كل من الطرفين يسعى لشرائها ...و كانت هذه الارض هى بداية حمامات الدم بين الطرفين ..فى احد الايام واثناء وجودى بمستشفى ساحل سليم المركزى مع اللواء حسن فطيم فؤاد مأمور المركز فى هذا الوقت ...اتصل عامل تليفون المركز بالسيد المأمور ...وابلغه ان هناك بلاغا من عامل تليفون قرية المطمر بتبادل إطلاق نار بين قرية الخوالد وعرب المطمر ...وان هناك قتيل قد وقع من العرب ...اسمه ...احمد محمد العرمان ...عندما ابلغنى المأمور بملخص البلاغ ....وأكد ان هناك قتيل واحد فقط ...قلت له يا فندم ...اللى مات ده ابن محمد العرمان ...وانا متأكد ...ان هناك بلاغ اخر سوف يرد الان من قرية الخوالد ...عن وقوع قتلى لن يقل عددهم عن خمسة اشخاص من عائلة العمده سويفى ...فاعرب لن يقبلوا او يرضوا بأقل من هذا ..وصح توقعى ...فعند عودتنا بسيارة المأمور الى المركزوفى الطريق ...ورد بلاغ باللاسلكى السياره يفيد مقتل احدى عشر شخصا من عائلة العمده سويفى ..من ضمنهم المدعو سليمان امين الحزب الوطنى بالقريه ...وشيخ الخفراء ...واخرين من نفس العائله ....انتقلت والقوات الى مكان الحادث ..حيث قمنا بضبط ..كل المتهمين ومن ضمنههم ...الحاج محمد العرمان ...الذى كان رغم تماسكه فى حالة انهيار تام ...كان زائغ البصر ..يهذى ...كم كنت حزين لان يكون لقائى الثانى له ..بهذه الغرابه ..كان يبكى وهو مذعور ...كان يتعمد الا ينظر الى ...فقد كنت اعرف مشاعره تجاه ابنه احمد ...دلت التحريات الاوليه بمكان الحادث ...ان احد افراد عائلة العمده سويفى هو من ابتدأ بإطلاق النار على الصبى احمد العرمان فأرداه قتيلا فى الحال ...وعلى اثر ذلك قام ابراهيم العرمان شقيق الحاج محمد ومن معه من العائله بقتل ..احدى عشر فردا من عائلة العمده اخذا بالثأر لقتيلهم الشاب الصغير ...عندما واجهت الحاج محمد بعد ان هدأ ...كيف تقتلون احدى عشر نفس مقابل نفس واحده ...بكى بحرقه ...وقال لى ..انا صاحب الليله وسوف اتحمل تبعات كل ما جرى ...ولما سألت بعض المتهمين من العرب نفس السؤال ...كان ردهم ...كنا لازم نجامل الحاج محمد ..لان ابنه قتل غدرا ....وكالعاده تولت النيابه التحقيق ...ثم حبستهم ...وظل يمد حبسهم الى ان نقلت فى شهر الحركه العامه لضباط الشرطه فى شهر اغسطس من نفس العام ...ظل هذا الحادث يقلقنى لمده طويله ..وكثيرا ما اتهمت نفسى بالاهمال و التراخى ...ولكنى ماذا كنت افعل ؟؟ ...وقد...استدعيت العمده وعائلتهم ...فأنكروا اية مشاكل او خلافات وطمئنونى ...وبرغم ذلك بدأوا العراك ...وأسقطوا اول الضحايا ...الا ان رد فعل العرب كان قاسيا ومتجاوزا .....وحتى بعد نقلى ظللت اتابع تلك الخصومه ...خاصة بعد نقل زميلى النقيب محمد الشيخ الذى عمل معى بمباحث الجيزه رئيسا لمباحث ساحل سليم ...فقد كانت الاخبار تصلنى منه دائما ...وكان يشاورنى احيانا ...وكنت اقدم له بعد النصائح ... وتمت المصالحه بين العائلتين بمجهودات مضنيه من زميلى اللواء محمد الشيخ ....الا اننا تعلمنا ان هذا النوع من المصالحات يبقى دائما على المحك ..
مرت سنوات وسنوات ...واثناء عملى مفتش مباحث مديرية امن الجيزه ..وقع حادث بشع ..بمنطقة بولاق الدكرور ..حيث حضرت سياره بيجو بعد عصر احد الايام ..وتوقفت امام احد المنازل ...وترجل نها شخصان يحملان بنادق اليه ...واطلقا النار بغزاره على كل الجالسين امام المنزل ..مما ترتب عليه مقتل عشرة اشخاص بين رجل وامرأه وطفل ...ثم لاذوا بالفرار ...اسفرت جهود البحث ان مرتكبى الحادث ينتمون الى عائلة البوازين بعرب مطير بأسيوط واتهم يقيمون بعين شمس ...ترددت تحريات تشير الى ان الحادث ..ربما وقع بسبب خصوم ثأريه للعائله بأسيوط ... وبناء على تكليف من السيدين المرحوم اللواء احمد كوهيه مدير المباحث والمرحوم حلمى الفقى رئيس المباحث ...كلفت بالسفر الى اسيوط للتحرى عن حقيقة قصة الخصومه الثأريه ...خاصة وان سجل عملى يشير الى سابقة عملى بأسيوط والمامى بعائلة البوازين ....انتقلت صحبة اخى الكبير واستاذى اللواء احمد العزب الجندى مفتش مصلحة الامن العام .....حيث تقابلنا مع مدير مباحث اسيوط المرحوم اللواء امام حسبو ...وبعد ان اطلعناه على المأمورية ...استأ[ذنته وطلبت منه حضور الشرطى السرى احمد الباجورى من مركز ساحل سليم ...حيث حضر ...طلبت منه التوجه الى الحاج محمد العرمان ..واخطاره بأننى ارغب فى مقابلته لامر هام ....وبعد ظهر اليوم التالى كنت واللواء احمد العزب والمخبر الباجورى فى منزل الحاج محمد العرمان ...كان اللقاء الثالث بينى وبينه استقبلنى بترحاب شديد ...وظل يذكرنى بأيام ولت ومرت ...ولم يبقى منها غير الذكرى ... وبعد ان عرض عليه اللواء احمد العزب (اطال الله فى عمره ) القصة التى حدثت فى بولاق الدكرور ...ابتسم واعتدل فى جلسته وقال بحسم ...قصه الخصومه الثأريه مختلقه ولا اساس لها من الصحه...الحكايه اللى حصلت عندكم فى الجيزه اساسها ...بيعة (صفقة ) مخدرات ولم يسدد ثمنها ....فساله سيادة اللواء ...انت متأكد يا حاج محمد ...فرد ايوه...متأكد ...ولو طلع كلامى مش صحيح ...اتحاسب ..وابو السعود عارفنى كويس..... صافحناه وانصرفنا ...وتبين فيما بعد ...صدق وصحة كل ما قاله الحاج ...محمد العرمان ....نسر الصحراء ...الذى توفى بعد خمسة سنوات من ذلك اللقاء ....رحمه الله ... ...انتهت
السلام عليكم
ردحذفالله يرحمهم جميعا ويتغمدهم برحمته
ردحذفكانوا عملاقه وكانت هيبتهم تكفيهم
الله يرحم اناس الي سدات المشكله وفضلت قعده لا الاخر وين اسماهم مغير الحج محمد بس الي كان معيه مكتوبه صح القصه
حذفالله يرحمك يا صاحب الشيم ولاخلاق الحج محمد العرمان
ردحذفالقصة كله غير صحيحة
حذفصحيحه لانه ابويا يا استاذ نحن أبناء العرب
حذفالله يرحم الجميع ولكن في هذهي القصه ليسه بشخص واحد الذي مات من العرب البوزين هنك رجال اخرين واين اسم الذين خضو بقي المعركه هولك الذين موجودون في عرب الساحل يعرفون التريخ جيدان انه ليس حضرت المعركه ولكن اعرف اتريخ تمام
ردحذفانا ابنه واشكر من قام علي هذا الصرح الراقي..وللجنرال الف تحيه كانت ايام رجوله بمعني الكلمه
ردحذفالله يرحمة البطل
حذفميرسي لذوقك لأنك راقيه
حذفكل التحيا لصاحب الفضل في النشر واجمل تقدير للباشا محمد فهمي الشخص الغالي علي قلوبنا. كل ماورد حصل بالفعل وأكثر من ذلك...دمتم شيئا جميلا وتاجا علي رؤوسنا..أنا ابراهيم ابن الحاج محمد العرمان
ردحذفالله يرحمة البطل ويبارك فيكم
حذفالله يرحم الجميع الحكايه تاليف بس كل الكلام غير صحيح الي كتب القصه كان عم يسمع الكلام بس مايعرف وين الحقيقه اناس الي خضت المعركه لانهيه الي موجودين فى الساحل الي سدو معن الاصح من غير كلام يعنى التريخ معروف بس الكلام كتير
ردحذفمين قالك.كده الكلام.حقيقي لانه ابويا يامستر ومحمد بيه سعود راجل محترم
حذفحكايه حقيقيه والي مكذبها يسأل أصحاب الخصانه وهما يقولك وبعدين متبقاش حاقد دا تاريخ والتاريخ مبيرحمش
ردحذفرحمة الله عليهم ودايما يا عرب مطير اسمك عاليًا يدل علي العزه
ردحذفوين اسامي الابطال اللي خاضو المعارك وين سيد سلوم وحماد سلوم واخواتهم وولاد عمهم
ردحذف