على لسان الجنرال
فاتنى ان اذكر امس انه عند عودتى للمركز كنت اجلس بالسياره وبجانبى الملازم اول مصطفى العشماوى وفى الطريق لم انطق بكلمه واحده ...كنت استرجع تفصيلات ما حدث الذى كان من الممكن تداركه بإجراء شكلى كان سيترتب عليه حقن دماء ثمانية رجال ...لهم اسر واطفال وزوجات ...وعند وصولى لقرية المطمر طلبت من السائق دخول القريه ...نظر الى باستغراب وكذلك الملازم اول مصطفى ...سرت فى القريه صوب منازل عائلة مكى مخترقا حدائق الموالح الكثيفه حيث تنبعث منها رائحة زهورها الذكيه الا ان رائحة الموت كانت هى الغالبه ...كان الصمت المريب يخيم على القريه ...اختفى الناس من الشوارع ...كنت المح بعض الرؤس اعلى المنازل تتابع بإهتمام سيارة الشرطه التى استقلها ...بعد دقائق وصلت الى منازل عائلة مكى حيث يقيم كبار العائله ..السيد توفيق مكى زوج السيده عضوة مجلس الشعب وكان من كبار مزارعى وتجار الموز وشقيقه الاستاذ عبد الباسط المدرس بالتربيه والتعليم وكان يربطنى بهما معرفه واحترام متبادل لم يعكر صفوه الا تدخل النائبه المحترمه .....طرقت باب المنزل ومن المعروف وفقا للعادات والتقاليد انهم لا يتلقون العزاء فى مثل هذه المواقف حتى يأخذون بالثأر ...الا ان زيارتى بإعتبارى من رجال الاداره تعد استثناء ...استقبلنى كبيرهم الاستاذ عبد الباسط وصمم على دخولى المنزل ...دخلت ومعى الملازم اول مصطفى ...كانت دموع الرجل تغلبه ...احتضننى وبكى بصوت مسموع على كتفى ..حدثنى فى اذنى كما لو كان يحدث نفسه ...احنا اسقين يا فهمى بك ...لم نسمع نصيحتك ..كنت اعلم ان من ضمن قتلاهم شقيقه الصغير محمود وكان شاب جميل وجيه الهيئه ..فارس ماهر يقتنى العديد من الخيول ...كان من ضمن ما قاله لى بحرقه تقطع القلوب ...محمود مات يا فهمى بك ...ده لسه عريس جديد ...رتبت على كتفه وقلت له ...تماسك يا رجل ..انا لله وانا اليه راجعون وكل من عليها فان ...قلت له ..كنت اتمنى الا يحدث ما حدث ..لكنها ارادة الله ..قلت له امام اهله ..حضرت للمواساه ..وبعتذر ان كان هناك شىء لم افعله لتفادى ما حدث... فرد على ...لا..لا ..سيادتك عملت كل اللى تقدر عليه واكثر ...جلست معه ومع بعض اقاربه عدة دقائق كنت استشعر بثقلها ...كانت زيارتى لهم غير متوقعه لكنها كانت هامه لنتفيذ ما طلبه منى مدير الامن ...خرجت من عندهم وانا احمد الله ان وفقنى والهمنى لها ...فقد كان لهذه الزياره تأثير سحرى فى لمس مشاعرهم الانسانيه والاقتراب منهم ... عدت الى المركز وتناقشت مع المأمور فى كل ما حدث وكان رجل هادىء جميل يثق بى ثقه مطلقه ...بعد عدة ايام حضر الى وفد من العائله لتقديم الشكر على زيارتى لهم ..جلست منفردا مع الشقيقين عبد الباسطهما وتوفيق الذى لم ينطق بكلمه برغم تشجيعى له ...قال لى الاول بماذا تنصحنا ...قلت لهما وكلماتى تسبقنى ...عايزين نربى العيال الصغيره ...اشارة لمن فقدوا ابائهم ...القيت لهم بإقتراحى فى عباره واحده ولم انتظر منهم رد وانهيت المقابله ...بعد ان وعدتهم بزياره اخرى.... حدثت نفسى ...سوف اترك لهم فرصه التدبر والتفكر فيما اقترحته ...وقد كان ....كان من ضمن ما قلته لهما فى الزياره التاليه ..ان تربية الاطفال هى افضل شىء نفعله احياء لذكرى من ماتوا ...وان استمرار مسلسل التأر لن يجلب الا الخراب ...وان الرجوله تقتضى منا شجاعه العقلاء ...قلت لهم .سوف ننتظر مرور ذكرى الاربعين ثم نعرض الصلح على العائلتين ...وكان هذا هو الصلح الوحيد الذى اقترحته وسعيت اليه جاهدا خلال ثلاث سنوات قضيتها فى ساحل سليم ....وبعد مرور ذكرى الاربعين وبحضور مدير الامن ومدير المباحث وقيادات الشرطه والقيادات الشعبيه وبحضور الاسناذ فهمى تمام عضو مجلس الشعب تمت المصالحه بين عائلتى مكى وعبد العال ...وكان من اسعد ايام خدمتى وانجازاتى بمركز شرطة ساحل سليم .
اذكر اننى نقلت بعد قتره وجيزه الى اكاديمية الشرطه ورقيت الى رتية الرائد ..كم كنت سعيدا عندما قرأت باحد الصحف اليوميه تهنئه من الاستاذ عبد الباسط مكى والعائله بالترقيه ...فقد استشعرت وقتها ان ما فعلته لم يذهب سدى ...لازلت حتى اليوم اتابع تلك الخصومه وهذا الصلح الذى لمن ينقض منذ سنة 1976 حتى الان والحمد لله ...وكم اشعر بالسعاده عندما اقابل بعض اهالى المنطقه واعلم منهم ان العائلتين قد تصاهرتا وتناسبتا وان الامور بينهما على خير وجه ...الحمد لله ...انتهى...
فاتنى ان اذكر امس انه عند عودتى للمركز كنت اجلس بالسياره وبجانبى الملازم اول مصطفى العشماوى وفى الطريق لم انطق بكلمه واحده ...كنت استرجع تفصيلات ما حدث الذى كان من الممكن تداركه بإجراء شكلى كان سيترتب عليه حقن دماء ثمانية رجال ...لهم اسر واطفال وزوجات ...وعند وصولى لقرية المطمر طلبت من السائق دخول القريه ...نظر الى باستغراب وكذلك الملازم اول مصطفى ...سرت فى القريه صوب منازل عائلة مكى مخترقا حدائق الموالح الكثيفه حيث تنبعث منها رائحة زهورها الذكيه الا ان رائحة الموت كانت هى الغالبه ...كان الصمت المريب يخيم على القريه ...اختفى الناس من الشوارع ...كنت المح بعض الرؤس اعلى المنازل تتابع بإهتمام سيارة الشرطه التى استقلها ...بعد دقائق وصلت الى منازل عائلة مكى حيث يقيم كبار العائله ..السيد توفيق مكى زوج السيده عضوة مجلس الشعب وكان من كبار مزارعى وتجار الموز وشقيقه الاستاذ عبد الباسط المدرس بالتربيه والتعليم وكان يربطنى بهما معرفه واحترام متبادل لم يعكر صفوه الا تدخل النائبه المحترمه .....طرقت باب المنزل ومن المعروف وفقا للعادات والتقاليد انهم لا يتلقون العزاء فى مثل هذه المواقف حتى يأخذون بالثأر ...الا ان زيارتى بإعتبارى من رجال الاداره تعد استثناء ...استقبلنى كبيرهم الاستاذ عبد الباسط وصمم على دخولى المنزل ...دخلت ومعى الملازم اول مصطفى ...كانت دموع الرجل تغلبه ...احتضننى وبكى بصوت مسموع على كتفى ..حدثنى فى اذنى كما لو كان يحدث نفسه ...احنا اسقين يا فهمى بك ...لم نسمع نصيحتك ..كنت اعلم ان من ضمن قتلاهم شقيقه الصغير محمود وكان شاب جميل وجيه الهيئه ..فارس ماهر يقتنى العديد من الخيول ...كان من ضمن ما قاله لى بحرقه تقطع القلوب ...محمود مات يا فهمى بك ...ده لسه عريس جديد ...رتبت على كتفه وقلت له ...تماسك يا رجل ..انا لله وانا اليه راجعون وكل من عليها فان ...قلت له ..كنت اتمنى الا يحدث ما حدث ..لكنها ارادة الله ..قلت له امام اهله ..حضرت للمواساه ..وبعتذر ان كان هناك شىء لم افعله لتفادى ما حدث... فرد على ...لا..لا ..سيادتك عملت كل اللى تقدر عليه واكثر ...جلست معه ومع بعض اقاربه عدة دقائق كنت استشعر بثقلها ...كانت زيارتى لهم غير متوقعه لكنها كانت هامه لنتفيذ ما طلبه منى مدير الامن ...خرجت من عندهم وانا احمد الله ان وفقنى والهمنى لها ...فقد كان لهذه الزياره تأثير سحرى فى لمس مشاعرهم الانسانيه والاقتراب منهم ... عدت الى المركز وتناقشت مع المأمور فى كل ما حدث وكان رجل هادىء جميل يثق بى ثقه مطلقه ...بعد عدة ايام حضر الى وفد من العائله لتقديم الشكر على زيارتى لهم ..جلست منفردا مع الشقيقين عبد الباسطهما وتوفيق الذى لم ينطق بكلمه برغم تشجيعى له ...قال لى الاول بماذا تنصحنا ...قلت لهما وكلماتى تسبقنى ...عايزين نربى العيال الصغيره ...اشارة لمن فقدوا ابائهم ...القيت لهم بإقتراحى فى عباره واحده ولم انتظر منهم رد وانهيت المقابله ...بعد ان وعدتهم بزياره اخرى.... حدثت نفسى ...سوف اترك لهم فرصه التدبر والتفكر فيما اقترحته ...وقد كان ....كان من ضمن ما قلته لهما فى الزياره التاليه ..ان تربية الاطفال هى افضل شىء نفعله احياء لذكرى من ماتوا ...وان استمرار مسلسل التأر لن يجلب الا الخراب ...وان الرجوله تقتضى منا شجاعه العقلاء ...قلت لهم .سوف ننتظر مرور ذكرى الاربعين ثم نعرض الصلح على العائلتين ...وكان هذا هو الصلح الوحيد الذى اقترحته وسعيت اليه جاهدا خلال ثلاث سنوات قضيتها فى ساحل سليم ....وبعد مرور ذكرى الاربعين وبحضور مدير الامن ومدير المباحث وقيادات الشرطه والقيادات الشعبيه وبحضور الاسناذ فهمى تمام عضو مجلس الشعب تمت المصالحه بين عائلتى مكى وعبد العال ...وكان من اسعد ايام خدمتى وانجازاتى بمركز شرطة ساحل سليم .
اذكر اننى نقلت بعد قتره وجيزه الى اكاديمية الشرطه ورقيت الى رتية الرائد ..كم كنت سعيدا عندما قرأت باحد الصحف اليوميه تهنئه من الاستاذ عبد الباسط مكى والعائله بالترقيه ...فقد استشعرت وقتها ان ما فعلته لم يذهب سدى ...لازلت حتى اليوم اتابع تلك الخصومه وهذا الصلح الذى لمن ينقض منذ سنة 1976 حتى الان والحمد لله ...وكم اشعر بالسعاده عندما اقابل بعض اهالى المنطقه واعلم منهم ان العائلتين قد تصاهرتا وتناسبتا وان الامور بينهما على خير وجه ...الحمد لله ...انتهى...